تداعيات اقتصادية سلبية محتملة لانقضاض ترامب على قوانين الهجرة

27 أكتوبر 2024
مهاجرون يؤدون القسم للحصول على الجنسية الأميركية، لوس أنجليس 21 أكتوبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يثير دونالد ترامب جدلاً بتصريحاته حول ترحيل المهاجرين غير النظاميين بأعداد كبيرة، مما يثير تساؤلات قانونية وأخلاقية ويشير إلى تغييرات محتملة في قوانين الهجرة.
- تعتمد قطاعات الاقتصاد الأميركي على العمالة المهاجرة، وسياسات الترحيل قد تؤدي إلى نقص العمالة وارتفاع الأجور، مما يزيد الأعباء المالية ويؤثر سلباً على النمو الاقتصادي.
- تتباين سياسات الهجرة بين ترامب وكامالا هاريس، حيث تركز هاريس على سياسة العصا والجزرة، وتظل الهجرة أولوية للناخبين في الانتخابات المقبلة.

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024، تثار تساؤلات حول السياسات التي قد يتبناها الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب تجاه الهجرة حال وصوله للبيت الأبيض، حيث تشير تصريحاته الأخيرة إلى نيته اتخاذ إجراءات صارمة ضد المهاجرين غير النظاميين، الأمر الذي قد يتضمن تعديلات جوهرية على قوانين الهجرة الحالية.

وفي تصريحاته خلال الحملة الانتخابية، بدا ترامب عازماً على اتخاذ إجراءات صارمة ضد المهاجرين غير النظاميين، بما في ذلك ترحيلهم بأعداد كبيرة. وبينما يثير استخدام قوانين قديمة لتنفيذ هذه السياسات جدلاً قانونياً وأخلاقياً، فمن المتوقع أن يكون لهذه الإجراءات تداعيات اقتصادية سلبية كبيرة على الولايات المتحدة.

وخلال حملته الانتخابية أيضاً، شدد ترامب مراراً وتكراراً على ضرورة ترحيل المهاجرين غير النظاميين. والشهر الجاري، صرّح ترامب بأنه يخطط لتنفيذ "أكبر حملة ترحيل شهدتها الولايات المتحدة" حال فوزه، ووصف المهاجرين بأنهم يجلبون "جينات سيئة" إلى البلاد، مما أثار جدلاً واسعاً.

وفي تقرير حديث، نشرته الشهر الجاري، قالت مجلة ذي إيكونوميست إنّ ما كان يُعتبر مثيراً للجدل في عام 2011 أصبح أمراً تقليدياً إلى حدّ بعيد في عام 2024، مشيرة إلى خطاب مرشح الحزب الجمهوري الذي أصبح أكثر ظلامية، "حيث يعد المهاجرون مجرد مجرمين ومغتصبين، بل أصبحوا "يسممون دماء بلادنا"، كما حلّت شعارات "أعيدوهم إلى أوطانهم" محل "ابنوا الجدار!". وفي عالم "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، اعتُبر المهاجرون القانونيون من هايتي تهديداً للحيوانات الأليفة في سبرينغفيلد بولاية أوهايو، لأنهم يأكلونها، كما زعم ترامب في المناظرة التي جمعته ومرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس.

قوانين الهجرة والاقتصاد الأميركي

ومن المتوقع أن تتسبب عودة ترامب إلى البيت الأبيض في حدوث تغييرات كبيرة في سوق العمل، بسبب انخفاض أعداد العمالة المهاجرة في قطاعات مثل الزراعة والبناء والخدمات، مما يزيد الضغط على أصحاب الأعمال لتوظيف العمالة المحلية بتكاليف أعلى. هذا التحول سيتطلب تخصيص ميزانيات ضخمة لتمويل عمليات الترحيل الجماعي، ما سيزيد الأعباء المالية على دافعي الضرائب. وبالإضافة لذلك، قد يؤدي تقييد الهجرة إلى تراجع النشاط الاستهلاكي، مما يؤثر سلباً بالشركات ويبطئ النمو الاقتصادي.

ووفقاً لتقارير إعلامية أميركية، يدرس ترامب استخدام قوانين قديمة، مثل "قانون 1798"، لتنفيذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير النظاميين. وهذا القانون، الذي أثار الجدل منذ إقراره، قد يمكنه من ترحيل المهاجرين دون الحاجة إلى إجراءات قانونية مطولة. ووسع ترامب، خلال فترة ولايته السابقة، سلطات وكالة الهجرة والجمارك لاحتجاز المهاجرين غير النظاميين، حيث ارتفعت الاعتقالات بنسبة 30% عام 2017، وفُصل أكثر من 5 آلاف طفل عن ذويهم.

وشكَّل هوس ترامب بالهجرة الحملة الرئاسية الحالية والسياسة الأميركية خلال السنوات التسع الماضية. وتتباين سياسات الهجرة بين ترامب ومنافسته الديمقراطية كامالا هاريس بشكل كبير، ولكن تركيزه القوي على هذا الموضوع دفعها للتحول إلى اليمين لتجنب وصفها بالضعف في مسألة أمن الحدود. وتظهر اهتمامات الناخبين أهمية هذا الملف، حيث ذكر 61% من الناخبين المسجلين أن قضية الهجرة تمثل أولوية بالنسبة لهم في هذه الانتخابات، وفقاً لمركز بيو للأبحاث، ما يعني أن الإجراءات المتعلقة بالهجرة ستكون على رأس جدول أعمال الرئيس المقبل، بغض النظر عن الفائز.

وفي كل الأحوال، سيتقيد كل من ترامب وهاريس بالكونغرس، الذي لم يُصلح قانون الهجرة بشكل جوهري منذ عام 1990، مما أسفر عن نظام قديم وغير مرن، لا يمكنه تلبية احتياجات العمالة في الاقتصاد الأميركي، لكن كما أثبت ترامب وجو بايدن في السنوات الأخيرة، يمكن للرؤساء إيجاد طرق لممارسة نفوذ هائل على السياسات. وأجمع خبراء على التداعيات الاقتصادية التالية على الاقتصاد الأميركي، حال تمكّن ترامب من فرض سياسات الهجرة التي بشّر بها:

  • انكماش سوق العمل

تعتمد بعض القطاعات الرئيسية في الاقتصاد الأميركي، مثل الزراعة، والبناء، والخدمات، بشكل كبير على العمالة المهاجرة، ما يعني أنّ عمليات الترحيل الجماعي، أو تقييد تأشيرات العمل، قد تؤدي إلى نقص حاد في العمالة، مما يرفع تكاليف الأجور، ويضغط على أصحاب العمل للبحث عن العمالة المحلية، والتي قد لا تكون كافية لتلبية الطلب.

  • زيادة تكاليف الترحيل والتنفيذ

قد يتطلب تنفيذ سياسات الترحيل الجماعي وتوسيع عمليات المراقبة على الحدود ميزانيات ضخمة، تتضمن تمويل توظيف مزيد من عناصر الهجرة، وبناء مراكز احتجاز جديدة، وتوفير المعدات اللازمة. ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تكلفة باهظة على دافعي الضرائب، مما قد يؤثر سلباً بالميزانية الفيدرالية.

  • تراجع الاستهلاك المحلي

يُساهم المهاجرون بشكل كبير في الاقتصاد الاستهلاكي، فهم يشترون المنازل والسيارات وينفقون على التعليم والرعاية الصحية. وبناء عليه، فقد يتسبب تقييد الهجرة أو ترحيل المهاجرين إلى تراجع في الاستهلاك المحلي، وقد يترتب على ذلك تباطؤ النمو الاقتصادي.

  • تقليص التنوع في الأعمال والشركات الناشئة

يمثل المهاجرون نسبة كبيرة من أصحاب الشركات الصغيرة والناشئة في الولايات المتحدة، وسيتسبب تطبيق سياسات هجرة صارمة في انخفاض عدد الشركات الناشئة، مما يقلل من فرص الابتكار والنمو الاقتصادي على المدى الطويل.

  • التأثير في النظام التعليمي

قد تُؤدي سياسات الهجرة الصارمة إلى تراجع التحاق الطلاب الدوليين بالجامعات الأميركية، بسبب زيادة القيود على التأشيرات، مما يؤثر سلباً في الإيرادات الجامعية، ويضعف العلاقات التعليمية الدولية للولايات المتحدة.

  • تراجع الثقة في الاقتصاد

من المتوقع أن تزيد السياسات الصارمة تجاه المهاجرين من الشعور بعدم الاستقرار لدى المستثمرين، مما قد يُؤثر بقراراتهم الاستثمارية. ومع تزايد القلق العام، تتراجع الثقة في الأسواق المالية، وتزيد التقلبات، مما قد يُعقد تحقيق نمو اقتصادي مستدام.

  • ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية والغذائية

يؤدي الاعتماد الكبير على العمالة المهاجرة في الزراعة إلى زيادة في تكاليف الإنتاج حال انخفاض أعداد العاملين. وقد يؤدي تقليص أعداد المهاجرين للولايات المتحدة إلى ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية، مما يزيد العبء على المستهلكين وخاصة ذوي الدخل المحدود.

  • تراجع التحويلات المالية

قد تؤدي عمليات الترحيل إلى تقليل التحويلات المالية من المهاجرين العاملين في الولايات المتحدة إلى بلدانهم الأصلية، مما قد يؤثر سلباً بالاقتصادات النامية ويزيد من الضغوط الاجتماعية على الحدود، بينما تخسر المؤسسات المالية فرص الحصول على رسوم لتنفيذ تلك التحويلات.

وانتقدت هاريس سياسات ترامب المقترحة، مشيرة إلى أنها قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية على الحدود وتقويض القيم الأميركية، كما أكدت أن إدارة ترامب عرقلت سابقاً مشاريع قوانين الهجرة التي كانت تهدف إلى إصلاح النظام بشكل شامل. وتوقع محللون أن تستمر هاريس في اتباع سياسة الهجرة التي تبنّاها بايدن، ممثلة في سياسة العصا والجزرة، حيث فتح مسارات قانونية جديدة للمهاجرين كلما أمكن، بينما قيد طلبات اللجوء على الحدود الجنوبية. وأثبت هذا النهج نجاحاً في الأشهر الأخيرة، حيث بلغت المواجهات الشهرية مع المهاجرين على الحدود ذروتها في عام 2023، لكنها انخفضت منذ ذلك الحين إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2020، عندما كان ترامب في السلطة.

المساهمون