فتحت النيابة المالية الوطنية في فرنسا تحقيقاً أولياً حول ثروة حاكم المصرف المركزي اللبناني رياض سلامة في أوروبا، وفق ما أفاد به مصدر قضائي وكالة "فرانس برس"، اليوم الأحد، مؤكداً معلومات ذكرها مصدر مقرّب من الملف.
وفُتح هذا التحقيق في أواخر مايو/أيار الماضي في قضية "تآمر جنائي" و"تبييض أموال في عصابة منظمة". وقُدّمت في إبريل/نيسان شكويان تستهدفان سلامة وثروته الكبيرة في أوروبا أمام نيابة مكافحة الفساد في باريس.
ويُفترض أن تسمح التحقيقات خصوصاً بتوضيح مصدر الثروة الكبيرة التي يملكها سلامة. وسبق أن فُتح تحقيق بحق محافظ مصرف لبنان المركزي وشقيقه "رجا" ومساعدته المقرّبة ماريان حويك في سويسرا. وبحسب صحيفة "لو تان" اليومية تتناول التحقيقات تحويلات مالية بأكثر من 300 مليون دولار أجراها الرجلان بين لبنان وسويسرا.
ويشدد سلامة البالغ من العمر 70 عاماً، على أن أمواله كلها مصرح بها وقانونية وأنه جمع ثروته مما ورثه وعبر مسيرته المهنية في القطاع المالي. ويملك سلامة فيلا فارهة على سواحل الأنتيب في جنوب شرق فرنسا.
ويشهد لبنان منذ نحو عامين أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه المعاصر وانهياراً لقيمة العملة الوطنية وفرض قيود مصرفية تحظر التحويلات المصرفية إلى خارج البلاد.
ومنذ 18 أكتوبر/تشرين الأول 2019، تحتجز المصارف اللبنانية حسابات الودائع بالدولار، كما وضعت سقوفاً على السحوبات من حسابات الليرة اللبنانية.
وبين الحين والآخر تخرج تظاهرات، يرفع فيها المتظاهرون شعارات تحمّل الطبقة السياسية مسؤولية الانهيار المالي والاقتصادي، ويطالبون باسترداد أموالهم المحتجزة في المصارف. ورفع مودعون دعاوى قانونية متهمين البنوك بالإهمال والاحتيال، وسط مخاوف من تبدد مدخراتهم.
وأسقطت الأزمة المالية والاقتصادية شريحة واسعة من المواطنين في براثن الفقر والبطالة، تزايدت حدتها مع انتشار جائحة فيروس كورونا منذ بداية العام الماضي.
وأمس السبت، طالبت جمعية "صرخة المودعين" المدافعة عن حقوق المودعين في المصارف اللبنانية، بضرورة استرجاع عملاء البنوك أموالهم كاملة، مشيرة إلى أن مبلغ الـ 400 دولار التي ألزم مصرف لبنان المركزي، البنوك العاملة في الدولة بسدادها شهرياً "لا تمكن المودع من الحصول على أدنى احتياجاته".
وقالت الجمعية في بيان، إن "موقفنا ثابت من حقيقة واضحة هي أن المودع وضع أمواله في المصارف اللبنانية ويود استرجاعها كاملة بأسرع وقت ممكن"، مطالبة حاكم مصرف لبنان المركزي بالضغط على جمعية المصارف لإعادة الأموال إلى أصحابها بـ "جدولة مقبولة وواضحة وثابتة ومعقولة".
وتتزايد التحذيرات الدولية من خطورة الأزمة في لبنان. وذكر البنك الدولي في تقرير له مطلع يونيو/ حزيران الجاري، أن "لبنان يغرق"، مرجحاً أن تحتل الأزمة المالية والاقتصادية في البلد، مرتبة من الثلاث الأولى من الأزمات الأكثر حدة على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.
ووفقاً لتقرير "المرصد الاقتصادي اللبناني" الصادر عن البنك فإن الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها لبنان "تنذر بفشل وطني شامل له عواقب إقليمية وعالمية محتملة".