استمع إلى الملخص
- **الجهود الدولية لتأمين إمدادات الليثيوم**: الولايات المتحدة، السعودية، وإيران تعمل على تطوير إنتاج الليثيوم. إيران اكتشفت احتياطيات كبيرة، والطلب على الليثيوم يتزايد خاصة في الولايات المتحدة.
- **السيطرة الصينية على سوق الليثيوم العالمي**: الصين تسيطر على 80% من خلايا البطاريات العالمية، مما يهدد الأمن القومي للولايات المتحدة. البنك الدولي يتوقع زيادة إنتاج المعادن بنسبة 500% بحلول 2050 لتلبية الطلب.
تحولت بطاريات الليثيوم إلى مصدر قلق كبير لدى عدد من الدول، خاصة الولايات المتحدة الأميركية، فيما يعتبر الاحتلال الإسرائيلي هذه البطاريات سلاحاً لا يقل خطورة عن النفط، ويتخوف من حظر لا يقل تأثيراً من الحظر النفطي الذي قادته الدول العربية ضد الدول الداعمة لإسرائيل في حرب أكتوبر عام 1973.
وتُعَد بطاريات الليثيوم أيون جزءًا لا يتجزأ من اقتصاد المستقبل، فهي تُشغِّل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والمركبات الكهربائية والعديد من الأدوات والأجهزة الأخرى أبرزها القطع العسكرية، وسعرها أرخص من البترول. يشرح موقع "غلوبس" الإسرائيلي في تقرير، أن إسرائيل تواجه نقطة ضعف استراتيجية عالية في سيناريو "حظر الليثيوم".
وبحسب آخر توقعات وزارة الطاقة لدى الاحتلال، فإنه بحلول نهاية العقد سيكون هناك ما يقرب من 1.2 مليون مركبة كهربائية على طرقات إسرائيل، بما في ذلك ما يقرب من ستة آلاف حافلة ستشكل ما يقرب من 35% من إجمالي عدد الحافلات فيها. إلى جانب اعتماد متزايد للمنظومة الحربية الإسرائيلية على بطاريات الليثيوم.
وكانت الصين أول من استوعب أهمية بطاريات الليثيوم باعتبارها "النفط الجديد"، وفي العقود الأخيرة استثمرت مئات المليارات من الدولارات في إنشاء سلسلة توريد مستقلة لبطاريات الليثيوم لقطاعي النقل والدفاع. وذلك من خلال شراء مناجم وتوقيع عقود توريد مع مناجم حول العالم، وإنشاء صناعة متقدمة لمعالجة المواد الخام إلى درجة مناسبة للبطاريات، وإنشاء مصانع لتصنيع البطاريات في الصين. لقد استيقظ الأميركيون متأخرين على أهمية الليثيوم، وهم الآن يسرعون محاولاتهم لسد الفجوات وقطع الاعتماد على الصين لتحييد التهديد المتمثل في حظر الليثيوم.
أهمية بطاريات الليثيوم
وفي السنوات الثلاث الماضية، نشرت إدارة جو بايدن سلسلة من اللوائح التي تهدف إلى تقليل اعتماد صناعة السيارات في الولايات المتحدة بشكل عام على البطاريات المصنوعة في الصين، وضخت المليارات في تطوير صناعة البطاريات. وتقود وزارة الدفاع الأميركية الجهود الرامية إلى إنشاء سلسلة توريد مستقلة للبطاريات.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، كتبت الوزارة في وثيقة حول استراتيجية بطاريات الليثيوم للأعوام 2023-2030 أن "تكنولوجيا البطاريات هي العمود الفقري للانتقال إلى الكهرباء وصناعة السيارات في المستقبل. لكن مثل هذه البطاريات ضرورية أيضًا لآلاف المنظومات العسكرية، بدءًا من وسائل الاتصال وحتى أنظمة الأسلحة المستقبلية مثل الليزر والمركبات التكتيكية".
وتبذل المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، حاليًا جهودًا كبيرة لتطوير إنتاجها ومعالجة رواسب الليثيوم الموجودة في البلاد، وفقاً لـ "غلوبس".
وكذلك الأمر بالنسبة للإيرانيين، الذين ينشطون للغاية في تطوير الأسلحة المستقلة أو التي يتم التحكم فيها عن بعد، والتي تستخدم البطاريات بشكل مكثف، مثل الطائرات بدون طيار والصواريخ الموجهة، ويعقد هذا الشهر المؤتمر الدولي الأول حول تطوير وإنتاج البطاريات في إيران حتى أنه عقد في طهران، وفي العامين الماضيين اكتُشفت احتياطيات كبيرة من الليثيوم في إيران، تقدر بنحو 10% من الاحتياطيات المعروفة في العالم. ويشرح موقع منظمة المجلس الأطلسي الأميركية أن الولايات المتحدة تعاني مشكلة الليثيوم.
ويتزايد الطلب الأميركي على الليثيوم كثيرًا في حين أصبح الوصول إلى الإمدادات الآمنة أكثر صعوبة. ولكن ليس الاستخدام الواسع النطاق في الولايات المتحدة لمنتجات مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وسماعات الرأس التي تعمل بتقنية البلوتوث، أو حتى الطلب على الأجهزة المنقذة للحياة مثل أجهزة تنظيم ضربات القلب وأجهزة الكشف عن أول أكسيد الكربون، هو الذي يسبب المشكلة، ذلك أن كمية الليثيوم المستخدمة في هذه المنتجات ضئيلة مقارنة بالليثيوم اللازم للسيارات الكهربائية وأشباه الموصلات والبطاريات المتخصصة.
على سبيل المثال، تحتاج بطارية السيارة الكهربائية المتوسطة إلى نحو ثمانية كيلوغرامات من الليثيوم، في حين تستخدم بطارية آيفون أقل من غرام واحد من المعدن.
السيطرة الصينية
ووفق الموقع ذاته، قد يواجه الجيش الأميركي أزمة في ما يتصل بإمدادات البطاريات وأشباه الموصلات، وهو ما يهدد أمن وسلامة المصالح الأميركية في مختلف أنحاء العالم. وتسيطر الصين على صناعة بطاريات الليثيوم أيون العالمية. وتوفر الشركات الصينية 80% من خلايا البطاريات في العالم. حتى أن بعض الشركات الأميركية التي تنتج البطاريات تعتمد على مكونات خلايا الليثيوم أيون التي تنتجها الشركات الصينية.
ووفقًا لتقرير البيت الأبيض لعام 2021، قامت الحكومة الصينية بتوجيه 100 مليار دولار من الإعانات والخصومات والإعفاءات الضريبية للشركات الصينية والمستهلكين الصينيين بين عامي 2009 و2019 للهيمنة على صناعة تكرير الليثيوم العالمية، قبل أن يرتفع الطلب العالمي على المادة. ثم استخدمت الصين مكانتها كونها أكبر مستهلك لليثيوم غير المكرر وأكبر منتج لليثيوم المكرر لمنع الآخرين من دخول السوق.
وشمل ذلك دعم الإنتاج عندما لم يكن الطلب مرتفعًا إلى درجة كافية وإغراق السوق الدولية بالمنتجات بأسعار أقل من أسعار السوق. كما تضمن الاستثمارات الصينية في مناجم الليثيوم في مختلف أنحاء العالم حصول الشركات الصينية على حق الوصول الأساسي إلى هذا العنصر المهم. ولا تتمتع الصين بالقدرة على جني مئات المليارات من الدولارات من الإيرادات فحسب، بل إنها، وفق الموقع ذاته، في وضع يسمح لها أيضًا بتقييد الوصول إلى بطاريات الليثيوم أيون لبعض البلدان أو الشركات حسب رغبتها. وهذا يعرض الأمن القومي للولايات المتحدة وحلفائها للخطر. وفي حالة نشوب حرب أو الحاجة المفاجئة إلى تزويد حليف أو شريك استراتيجي بالمساعدات العسكرية، فقد تواجه الولايات المتحدة نقصًا حادًا في منتجات الدفاع الرئيسية، مثل الطائرات بدون طيار وطائرات إف-35 المقاتلة والصواريخ أرض - جو، حتى أجهزة الراديو.
ووجد البنك الدولي أن إنتاج المعادن الرئيسية، بما في ذلك الليثيوم، سيحتاج إلى الارتفاع بنحو 500% بحلول عام 2050 لتلبية الطلب المتزايد على تقنيات الطاقة النظيفة الحيوية. ووفق موقع "وورلد فايننس" المتخصص، فقد ارتفع الطلب الإجمالي على بطاريات الليثيوم أيون من 0.5 جيغاوات ساعة فقط في عام 2010 إلى حوالي 526 جيغاوات ساعة في غضون عقد واحد. ويتوقع خبراء أن الطلب سيزيد بمقدار 17 ضعفًا بحلول عام 2030.
ولكي تتحول الولايات المتحدة وحدها إلى استخدام الكهرباء بالكامل بحلول عام 2030، يجب أن تنمو القدرة الإنتاجية بنسبة 200-300%. ويقول الموقع إن خمس شركات فقط مسؤولة عن حوالي ثلاثة أرباع إنتاج الليثيوم العالمي. وهي تعمل في كل مرحلة من مراحل خط الإنتاج، من تطوير الموارد، والتكرير والمعالجة، إلى تصنيع البطاريات وإعادة تدويرها.
والواقع أن من بين 200 مصنع ضخم للبطاريات في طور الإنشاء حتى عام 2030، سيكون 148 منها في الصين. وتقدر وكالة الطاقة الدولية حصة الصين في إنتاج الليثيوم الكيميائي العالمي بنحو 60%. إنجاز مثير للإعجاب خاصة إذا أخذ في الاعتبار أن الصين لا تمتلك سوى 25% من احتياطيات الليثيوم في العالم، فيما بقية العالم لا يزال على بعد سنوات، وربما عقود، من اللحاق بالركب، بحسب "وورلد فايننس".
وتمتلك أميركا الجنوبية نحو 75% من احتياطيات العالم المعروفة، وتمثل الأرجنتين وتشيلي وبوليفيا ما يسمى بـ "مثلث الليثيوم" للمنتجين. وقد ناقشت الدول الثلاث الكبرى الأرجنتين وتشيلي وبوليفيا بالفعل إمكانية إنشاء منظمة أوبك خاصة بها لليثيوم، وهي المناقشة التي من المتوقع أن تستأنفها هذه الدول بجدية مع احتدام السباق على المواد الخام، على الرغم من أن زيادة إنتاج الليثيوم أصعب بكثير مما يبدو.