بسطات الدولار تعم شوارع دمشق وشائعات بانتشار المزيف

01 يناير 2025
تجار دولار أمام مصرف سورية المركزي في دمشق، 30 ديسمبر 2024 (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أصبح تداول الدولار في السوق السوداء شائعاً في سوريا بعد التغيرات السياسية، مع انتشار العملات المزورة التي يصعب تمييزها، مما أثار تساؤلات حول الرقابة.
- أكد أصحاب شركات الصرافة في دمشق على ضرورة التعامل مع الشركات المرخصة لتجنب التزوير، بينما استبعد بعض الخبراء وجود كميات كبيرة من الدولار المزور، معتبرينها شائعات لترويع المواطنين.
- دعا الخبراء إلى تعزيز دور البنك المركزي في تنظيم سوق الصرف ومنع التلاعب، مشددين على أهمية ترخيص مكاتب صرافة نظامية ونصحوا المواطنين بتجنب المضاربات.

كعلبة بسكويت أو محارم، بدأ الدولار يجتاح طرقات سورية وسط صرخات تنادي "صراف، صراف" بأيدي شباب في مقتبل العمر امتهنوا بورصة ارتفاع وانخفاض الدولار في السوق السوداء كاراً يعتاشون منه، بعدما كانت كلمة الدولار محرمة اللفظ رغم تداوله من قبل غالبية التجار الذين أطلقوا عليه كلمة سر ليتداولوا لفظه في ما بينهم بكلمة "المغضوب" و"الأخضر". لكن في ظل السماح رسمياً بتداوله في وضح النهار بعد سقوط نظام الأسد، يتساءل مواطنون هل هناك رقابة على من يقوم بتصريف الدولار؟

أحد أصحاب شركات الصرافة المعروفة في دمشق فضل عدم ذكر اسمه، أكد أنه تلقى في يوم واحد على سقوط النظام خمس أوراق نقدية فئة 100 دولار وكانت جميعها مزورة "من أشخاص ضعيفي النفوس يستغلون جهل الناس بتزويرها، فمنهم من يعلم بأنها مزورة ورغم ذلك يصرفها لمن يود الشراء، ومنهم من يكون جاهلاً بأنها مزورة لكنه امتهن مهنة التصريف ليعتاش منها".

ودعا الناس إلى عدم تصريف عملاتهم إلا عبر شركات الصرافة المرخصة وعدم التوجه لأي شخص آخر، لأن أصحاب السوبرماركت وبياعي الفلافل أصبحوا يعلقون على محلاتهم عبارة "من يود الصرافة توجد عملات" وهؤلاء ليست لديهم دراية بالتعامل بالدولار أو تصريفه، معتبراً أن "الأسلم التوجه لشركات الصرافة حصراً كي لا يقعوا فريسة بعض ضعاف النفوس، كما أن أغلب هؤلاء المستغلين لا يجرؤون على التصريف في الشركات النظامية لأنهم يعلمون أنه سيتم اكتشافها، وتقوم الشركات حالياً بتمزيق الورقة النقدية التي يكتشف أنها مزورة فلم يعد هنالك خوف كما السابق فسابقاً كنا نتركها ونعيدها لصاحبها من دون أن نشعره بأي شيء".

وهو يعتقد أن معرفة ما إذا كان الدولار مزوراً مسألة في غاية الصعوبة لأنها لا تبدو مختلفة عن الأصلية لدرجة أن العداد الإلكتروني لا يستطيع تمييزها، فهي تمتلك نفس الألوان والقياس والملمس، لكن أصحاب المصلحة وحدهم من يستطيعون معرفة المزورة من خلال عدها وأحياناً النظر اليها فقد أصبح لديهم خبرة كبيرة أثناء عملهم، وهذه الدولارات المزورة تدخل تهريبا إما عن طريق تركيا أو الأردن فنحن لا نملك آليات معقدة لتزوير الدولار.

وعن الدولار المجمّد، أكد صاحب الشركة أنها مجرد لعبة وعملية نصب واحتيال، فلا يوجد هنالك شيء اسمه دولار مجمد فأميركا نفسها لا تعلم ما لدينا في البنك المركزي من احتياطي من الدولار.

خبير يستبعد وجود الدولار المزور في الأسواق السورية

في المقابل، استبعد الدكتور في كلية الاقتصاد علي كنعان وجود دولار مزور في الأسواق، وإن وجد فإنه من السهل معرفته عبر العداد الإلكتروني والعد من خلال تلمس نوع الورق والرقم التسلسلي ونقاط الأمان المكتوبة وكانت الأجهزة الأمنية قد نزلت إلى الأسواق وضج الشارع السوري بهذا الموضوع، وعاد فأكد "لا أتوقع وجود دولارات مزيفة وما يشاع مجرد دعايات من أصحاب شركات الصرافة بهدف حصر البيع والشراء عبرهم وترويع المواطن وتخويفه من التصريف من أماكن أخرى وهؤلاء على ما أعتقد صرافون لبنانيون وسوريون يستغلون جهل الناس بتلك الأمور ليقوموا بشراء الدولار منهم بسعر منخفض بحجة أنه مزور".

ورأى كنعان ضرورة أن يأخذ البنك المركزي دوره بشكل أكبر على أرض الواقع ولا يسمح لشركات الصرافة بالتلاعب بسعر الدولار فاليوم أغلب شركات الصرافة لا تلتزم بالسعر المحدد وفق نشرة البنك المركزي وتصرف وفق أهوائها الشخصية بمبلغ أقل من النشرة بـ1000 ليرة على الأقل، ويمكن أن يفرغ رأسمالها لذا يجب على المركزي أن يشتري منها ولا يسمح لها بالتلاعب بقيمة الليرة.

كما يعتقد أن على البنك المركزي اعتماد شركتين للصرافة تتوليان شراء وبيع الدولار من أجل لزوم وجود احتياطي لديه لدعم الليرة وللمحافظة على قيمتها، فهذه تعتبر مسؤولية البنك المركزي ألا وهي المحافظة على استقرار سعر الدولار وليس هبوطه وتغليبه لشركات الصرافة فهذه لديها صيغة تضمن ربحها على جميع الأحوال سواء في حال صعوده أو هبوطه. ودعا إلى لزوم الاستعانة بكوادر مجلس النقد والتسليف بعد إعادة تفعيله والاستفادة من آرائه في استقرار سعر الصرف.

بدوره، أكد الخبير الاقتصادي حسين حمود لـ"العربي الجديد" أن فتح السوق بهذه الطريقة إيجابي وليس سلبيا، لكن تركه بهذا الشكل العشوائي بدون مكاتب نظامية أمر خاطئ فيجب أن يتم ترخيص مكاتب خاصة بشكل رسمي وفرض ضوابط معينة عليها، التناقض أن يتم وضع نشرة لسعر الصرف ويظل التداول عبر السوق السوداء.

وشدد على أن موضوع الدولار شائك تلعب فيه تفاصيل كثيرة تحدد قيمته منها الإنتاج والاستيراد والتصدير، لكن ما يحدده اليوم هو البيع والشراء من قبل بعض الفئات في المجتمع ومنها التجار هؤلاء يمكن أن يضخوا في السوق كميات منه لمرحلة من المراحل فقط لكن وحدها الصادرات والمخزون الاستراتيجي من يعزز قيمته.

ولم يبتعد رأي الخبير الاقتصادي فادي عياش كثيراً، فقد رأى أن موضوع الدولار المزور عبارة عن شائعات ينشرها المضاربون ليؤثروا نفسياً على الأشخاص فيقوموا ببيع مدخراتهم، هنا يقومون بشراء المدخرات ومن ثم عرضها بسعر غال عند زيادة الطلب.

ونصح المواطنين بالمحافظة على مدخراتهم سواء كانت بالليرة السورية أو الدولار، قائلاً "لا تبِع ولا تشترِ حالياً، خذ احتياجك فقط كي لا تدخل في لعبة المضاربة وتكون مساهماً بها من حيث لا تدري فمن يدفع الثمن دائماً هم الصغار الذين لا يملكون الخبرة الكافية وليس الكبار، فهذه المرحلة حساسة للغاية وبحاجة الى الهدوء والتوازن والصبر والشراء حسب الاحتياج، وبعد فترة عند حصول الاستقرار وعودة الحركة الاقتصادية من جديد يمكن أن يتتم معاودة الادخار بالدولار".

المساهمون