من المتوقع أن يختار الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، خلال الأيام المقبلة العديد من كبار مستشاريه الاقتصاديين، وهي مجموعة تضم العديد من الاقتصاديين الليبراليين والمتخصصين في السياسة، الذين أسسوا أوراق اعتمادهم خلال الإدارتين الديمقراطيتين السابقتين، وساهم بعضهم في تعافي الاقتصاد الأميركي من آثار "الكساد المدمر" قبل نحو عقدين.
يتطلع بايدن، الذي أعطى أهمية للتنوع في اختياره لمرشحي المناصب الوزارية والمستشارين الرئيسيين، إلى تحقيق بداية قوية من خلال اختيار فريق اقتصادي قوي.
لم تعلن حملة بايدن بعد عن الاختيارات، لكن فيما يلي بعض الشخصيات التي يتوقع أن يختارها لشغل مناصب رفيعة المستوى في فريقه الاقتصادي، حسبما أفادت مصادر مطلعة على عملية الانتقال، والتي رفضت ذكر هويتها في تصريحات لوكالة "أسوشييتد برس"، من أجل التحدث بحرية عن مداولات الرئيس المنتخب:
جانيت يلين وزيرة للخزانة
أصبحت يلين رئيسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي عام 2014 عندما كان الاقتصاد لا يزال يتعافى من الكساد الكبير المدمر.
في أواخر التسعينيات، كانت يلين كبيرة المستشارين الاقتصاديين للرئيس بيل كلينتون أثناء الأزمة المالية الآسيوية. وفي عهد بايدن، ستقود وزارة الخزانة مع اقتصاد يعاني جراء تفشي فيروس كورونا.
إذا تم تأكيد ذلك، ستصبح يلين أول امرأة تقود وزارة الخزانة في تاريخها الذي يبلغ 232 عاماً تقريباً. سترث اقتصاداً لا تزال فيه معدلات البطالة مرتفعة، وتهديدات متصاعدة للشركات الصغيرة، ومؤشرات على تراجع الاستهلاك لأن وباء كورونا يقيد الإنفاق أو يثبطه.
ويتوقع خبراء أنه في حال تسلم يلين لمنصب وزيرة الخزانة، فإنها ستتبع سياسة وسطية تجاه الدولار. ويقوم مبدأ الحزب الديمقراطي على نظرية "الدولار القوي يعكس قوة الاقتصاد الأميركي"، وهو مبدأ نفذته إدارات الحزب المتعاقبة منذ عهد الرئيس بيل كلينتون مروراً بعهد باراك أوباما.
ولكن قد تجد إدارة بايدن صعوبة في تنفيذه بسبب المتاعب الاقتصادية التي مر بها الاقتصاد الأميركي ولا يزال على خلفية جائحة كورونا، إذ إن إدارة بايدن ستعمل على ضخ مزيد من الدولارات في السوق لتوفير السيولة وإنعاش الاقتصاد.
ويعد الدولار أيضاً من أهم أدوات السياسة الخارجية الأميركية إلى جانب المؤسسات المالية متعددة الأطراف مثل البنك الدولي وصندوق النقد، إذ إن الولايات المتحدة تستخدم الدولار في مساعدة الحكومات التي تتحالف معها وتمنحها فرصة الحصول على قروض دولارية بشروط ميسرة، بينما تشدد شروط القروض على الدول التي تعارض سياساتها الخارجية.
كما أن أميركا تستخدم عملتها بكثافة في سياسات الحظر الاقتصادي والمالي، إذ إنه يشكل نسبة 88% من التسويات التجارية في العالم، كما تعتمد عليه الدول في شراء السلع الرئيسية.
نيرا تاندين مديرة مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض
تاندين هي الرئيسة والمديرة التنفيذية لمركز الفكر الليبرالي للتقدم الأميركي. كانت مديرة السياسة الداخلية لحملة أوباما-بايدن الرئاسية، لكنها تركت بصمتها لأول مرة في فلك هيلاري كلينتون.
شغلت تاندين منصب مديرة السياسات لحملة هيلاري كلينتون الرئاسية لعام 2008. قبل ذلك، شغلت منصب المدير التشريعي في مكتب كلينتون في مجلس الشيوخ ونائب مدير الحملة ومدير القضايا لحملة كلينتون في مجلس الشيوخ لعام 2000. عملت أيضاً مستشارة سياسية بارزة في إدارة بيل كلينتون.
إذا تم تأكيد اختيارها، ستكون أول امرأة ملونة وأول امرأة من جنوب آسيا تقود مكتب الإدارة والميزانية، وهي الوكالة التي تشرف على الميزانية الفيدرالية.
بريان ديزي رئيس المجلس الاقتصادي الوطني
سيكون ديزي، وهو مستشار اقتصادي كبير سابق في إدارة أوباما والمدير العام الحالي ورئيس الاستثمار المستدام في بلاك روك، كبير المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض.
عمل ديزي على توفير السيارات والقضايا البيئية في البيت الأبيض في عهد أوباما، حيث شغل منصب نائب مدير كل من المجلس الاقتصادي الوطني ومكتب الإدارة والميزانية.
سيسيليا روس رئيسة مجلس المستشارين الاقتصاديين
روس هي خبيرة اقتصادية في مجال العمل وعميدة كلية الشؤون العامة والدولية بجامعة برينستون. عملت في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية من عام 2009 حتى 2011، وعملت في المجلس الاقتصادي الوطني من 1998 إلى 1999 في إدارة كلينتون.
يشار إلى أنها أعدت خطاباً في وقت سابق من هذا العام وقعه أكثر من 100 خبير اقتصادي يدعو إلى مزيد من الإجراءات الحكومية للتخفيف من تداعيات جائحة فيروس كورونا على الأميركيين. وستكون روس، وهي سوداء، أول امرأة ملونة تشغل هذا المنصب.
ومن المتوقع أيضاً أن يعين بايدن هيذر بوشي، الرئيسة والمديرة التنفيذية لمركز واشنطن للنمو العادل، وجاريد برنشتاين، الذي عمل مستشاراً اقتصادياً لبايدن خلال إدارة أوباما، للعمل في المجلس، حيث عمل الاثنان كمستشارين لبايدن خلال الحملة الرئاسية.
وتبدو القرارات الاقتصادية للإدارة الأميركية الجديدة، محمّلة بإرث ثقيل من الأعباء التي خلّفتها سياسات الرئيس دونالد ترامب المنتهية ولايته، لا سيما الخارجية، والتي أدخلت واشنطن في حروب اقتصادية، ليس مع الصين فحسب التي تتخوف أميركا من صعود نجمها الاقتصادي بشكل أكبر، وإنما مع العديد من القوى الاقتصادية، خاصة الأوروبية التي ظلت لعقود طويلة في تحالف تجاري وثيق مع الولايات المتحدة.
وأبدى رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي)، جيروم باول، في وقت سابق من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، قلقه "الكبير" على التعافي الاقتصادي من الصعود الحاد لإصابات كورونا، مضيفا أن الاقتصاد من المرجح أن يحتاج إلى المزيد من الدعم أيضاً على صعيد المالية العامة.