انهيار صفقات رأس المال الاستثماري ينسف حلم إسرائيل بالتحول إلى "دولة الشركات الناشئة"
أُصيبت صفقات رأس المال الاستثماري الإسرائيلي بتباطؤ حاد منذ بداية عدوان الاحتلال على قطاع غزة، بما يؤثر بقوة في قطاع التكنولوجيا المتنامي ويهدد الشركات الناشئة في مراحلها المبكرة، علماً أن هذا التباطؤ في أكتوبر/تشرين الأول كان أكثر حدة مما كان عليه في أثناء العدوان على غزة عام 2014.
في التفاصيل التي أوردتها صحيفة "فاينانشال تايمز" اليوم الثلاثاء، سجل قطاع رأس المال الاستثماري تباطؤاً حاداً في إبرام الصفقات منذ بدء العدوان العسكري على القطاع، ما وجّه ضربة لقطاع التكنولوجيا الذي يعوّل عليه الاحتلال كعامل أساسي في تحفيز الناتج المحلي الإجمالي.
فقد استُثمِر نحو 325 مليون دولار من إجمالي تمويل المشاريع في كيان الاحتلال في أكتوبر المنصرم، في إطار 120 صفقة، وبانخفاض كبير عن مليار دولار ضمن 232 صفقة في سبتمبر/أيلول، وفقاً لبيانات جمعتها شركة أبحاث السوق المحلية "أي في سي" IVC.
وفي حين أن جزءاً من التباطؤ يُعزى إلى أنه قد يكون بسبب عوامل موسمية أو غيرها، فقد أبطأ بعض المستثمرين الأجانب العمل على عقد الصفقات منذ عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر.
في هذا الصدد، يقول الشريك الإداري لصندوق رأس المال الاستثماري الإسرائيلي "بيتانغو" شيمي بيريز، إن "بعض الشركات الناشئة كانت على وشك إنجاز استثمار صفقاتها، وبدا أن كل شيء كان على ما يرام، ثم اندلعت الحرب، ولم يبتعد المستثمرون، لكنهم قالوا إنهم يريدون الانتظار والترقب".
ويعمل بيريز، نجل رئيس الوزراء والرئيس الإسرائيلي السابق شيمون بيريز، على جمع صندوق طوارئ بقيمة 20 مليون دولار لمساعدة الشركات الناشئة في مراحلها الأولى من التطوير على تجاوز الاضطرابات الأخيرة.
وقبل العدوان الإسرائيلي المستجد، كانت الشركات الناشئة الإسرائيلية تواجه بالفعل انخفاضاً في استثمار رأس المال الاستثماري، يعكس تراجعاً عالمياً في النشاط في مرحلة ما بعد كورونا. وقد أدى ارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض التقييمات العامة إلى تباطؤ الاستثمار في شركات التكنولوجيا الخاصة في جميع الأسواق.
لكن النقص المفاجئ في أموال رأس المال الاستثماري سيوجه ضربة غير متناسبة لصورة كيان الاحتلال الذي تطلق على نفسه اسم "دولة الشركات الناشئة".
ويُعد قطاع التكنولوجيا محركاً مهماً لاقتصاد الاحتلال، حيث يمثل نحو 15% من جميع الوظائف المنتشرة عبر مئات الشركات الناشئة والشركات متعددة الجنسيات مثل "إنتل" و"مايكروسوفت".
وإضافة إلى هذه البيئة غير المواتية، تواجه الشركات الناشئة الإسرائيلية أيضاً تحديات أُخرى. فقد أدت الحرب إلى استدعاء نحو 15% من موظفي التكنولوجيا الفائقة الإسرائيليين للخدمة العسكرية الاحتياطية، بما في ذلك كبار المسؤولين التنفيذيين في العديد من الشركات الناشئة.
كذلك فإن بعض المستثمرين الأجانب البارزين في كيان الاحتلال، مثل مجموعة الاستثمار الحكومية السنغافورية "تيماسيك" التي تستثمر حوالى 0.5% من محفظتها البالغة 382 مليار دولار سنغافوري (284 مليار دولار) في فلسطين المحتلة، يراقبون التطورات من كثب، وفقاً لشخص مقرب من "تيماسيك" أكد أن توقعات الشركة الاستثمارية لكيان الاحتلال أصبحت الآن "أكثر حذراً".
ومع ذلك، لا تزال بعض الصفقات قيد الإنجاز. فقد أعلنت شركة "بالو ألتو نتوركس" Palo Alto Networks المتخصصة بالأمن السيبراني والمدرجة في الولايات المتحدة، عن عمليتَي استحواذ على شركات ناشئة في كيان الاحتلال في الأسابيع الأخيرة.
كذلك قال مستثمر التكنولوجيا المالية دوفي فرانسيس، إن شركته الاستثمارية "غروب 11" Group 11 بصدد إبرام عدة صفقات.
بدوره، قال مؤسس شركة "فينتاج إنفستمنت بارتنرز" Vintage Investment Partners آلان فيلد إن "من الواضح أنه كان هناك بعض التباطؤ في الاستثمارات الجديدة التي أُغلِقَت منذ بدء الحرب (العدوان). هناك بعض التباطؤ، لكنه ليس تباطؤاً كاملاً بأي حال من الأحوال، إذ يدرك معظم الناس أن الشركات الإسرائيلية، وسوق المشاريع الإسرائيلية، مرنة للغاية".
لكنّ فيلد وأشخاصاً آخرين مطلعين على السوق، قالوا إن المستثمرين الأجانب الذين لديهم استثمارات أقل في كيان الاحتلال، من المرجح أن يتفاعلوا بحذر في البيئة الحالية ويؤخروا الصفقات الجديدة.
وقد أكدت بيانات "أي في سي" أن الانخفاض الأخير في النشاط كان أكثر حدة مما حدث خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014.