استمع إلى الملخص
- يحاول بنك الشعب الصيني الحفاظ على استقرار اليوان ضمن نطاق محدد، مع اتباع سياسة نقدية ميسرة لمواجهة الضغوط الانكماشية، بينما تعزز البيانات الأميركية من قيمة الدولار.
- يواجه اليوان ضغوطًا بيعية مقابل الدولار، مع تراجع الأسهم الصينية، مما يعكس القلق بشأن تأثير السياسات الأميركية على الاقتصاد الصيني.
تراجع اليوان الصيني ليصل إلى أدنى مستوى له منذ 16 شهرًا في أعقاب صدور بيانات اقتصادية قوية في الولايات المتحدة، وبالتزامن مع اقتراب الرئيس المنتخب دونالد ترامب من العودة الفعلية إلى البيت الأبيض، وتصاعد احتمالات زيادة الرسوم الجمركية بشكل حاد من الإدارة الأميركية المقبلة، الأمر الذي يثير القلق بشأن آفاق النمو لأكبر اقتصاد في العالم بعد الاقتصاد الأميركي.
وتراجع سعر اليوان في السوق المحلية بنسبة 0.1% ليصل إلى 7.33 يوان مقابل الدولار يوم الأربعاء، وهو أضعف مستوى له منذ سبتمبر/أيلول 2023، على الرغم من محاولة بنك الشعب الصيني الحفاظ على استقراره قبل تنصيب دونالد ترامب في 20 يناير/كانون الثاني. ويسمح للعملة الصينية بالتداول في نطاق 2% من السعر اليومي الذي يحدده البنك المركزي، ويقترب سعر الصرف حالياً من الحد الأدنى لهذا النطاق.
ويعكس الضغط البيعي جزئيًا مخاوف من أن الرسوم الجمركية الحادة المقترحة من ترامب على المنتجات الصينية قد تضطر بنك الشعب الصيني إلى إضعاف اليوان للتخفيف من تأثيرها على الصادرات، التي ساعدت البلاد في الحفاظ على النمو الاقتصادي، وسط ضعف الطلب المحلي من المستهلكين. وأدت البيانات القوية عن الوظائف والخدمات في الولايات المتحدة يوم الثلاثاء إلى تعزيز التوقعات بقيام بنك الاحتياط الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بشكل أبطأ مما كان متوقعًا، على عكس الصين التي تتبع سياسة نقدية ميسرة لمواجهة الضغوط الانكماشية. وقد ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.5% منذ بيانات يوم الثلاثاء.
وصرح وي كون تشونغ، كبير استراتيجيي الأسواق في بنك أوڤ نيويورك ميلون، قائلاً: "السوق غير صبورة وتريد انهيارًا في سعر اليوان". وأكد بنك الشعب الصيني تصميمه على الحفاظ على "الاستقرار الأساسي" لعملة اليوان، وعدم السماح بـ"تجاوز" سعر الصرف في الأسواق. وتسعى بكين، التي تواجه ضغوطًا انكماشية متزايدة ناجمة عن ضعف ثقة الأسر والمستثمرين، لتطبيق المزيد من تدابير التحفيز لتعزيز النمو. واليوم الأربعاء، وسعت الحكومة برنامجًا لدعم المستهلكين الذين يستبدلون الأجهزة القديمة مثل مكيفات الهواء والغسالات.
لكن العديد من الاقتصاديين يعتقدون أن الصين تؤجل الإعلان عن خطط إنفاق إضافية، بينما تنتظر تنصيب ترامب للحصول على رؤية أوضح بشأن الرسوم الجمركية المحتملة. وصرح الرئيس المنتخب بأنه سيفرض رسومًا جمركية تصل إلى 60% على الصين. وأعلن بنك الشعب الصيني يوم الأربعاء عن سعر يبلغ 7.1887 يوان مقابل الدولار، وهو تقريبًا دون تغيير عن سعر يوم الثلاثاء البالغ 7.1879. لكن الضغط على سعر الصرف تصاعد بعدما دفعت البيانات الاقتصادية القوية في الولايات المتحدة الدولار إلى الارتفاع يوم الثلاثاء.
وقال جو وانغ، رئيس استراتيجية العملات الأجنبية وأسعار الفائدة في منطقة الصين الكبرى لدى BNP Paribas في مذكرة، إن الضغط البيعي على اليوان هو "بصورة أساسية انعكاس لتوقعات أحوال التجارة خلال فترة رئاسة نرامب". وأضاف: "السوق تفعل ذلك منذ الانتخابات الأميركية... نعتقد أن الكثير قد تم تسعيره بالفعل، لكن السوق لا ترغب في التراجع". وأشار وانغ إلى أن بنك الشعب الصيني يبدو في وضعية "الانتظار والترقب".
وقال جوليان إيفانز-بريتشارد، رئيس اقتصاديات الصين في مركز الأبحاث كابيتال إيكونوميكس في مذكرة: "لا يمتلك بنك الشعب الصيني خيارات جيدة هنا". وأضاف: "سيتعين عليه تقبل بعض الضعف في سعر اليوان كأقل الخيارات سوءًا. والسؤال يصبح: أين يرى بنك الشعب الصيني الحد الأدنى لسعر اليوان؟".
ويشير المحللون إلى أنه رغم تعرض اليوان لضغوط بيعية مقابل الدولار، إلا أنه تعزز مقارنة بالعملات الأخرى. وقال إيفانز-بريتشارد: "هذه ليست مجرد قصة عن الصين، بل قصة عن قوة الدولار الأميركي". وضعف كل من البات التايلندي، والروبية الإندونيسية، والبيزو الفيليبيني، والدولار التايواني، والوون الكوري بنسبة 0.4% مقابل الدولار يوم الأربعاء.
ويرغب البنك المركزي في الحفاظ على استقرار سعر الصرف في انتظار رؤية أوضح بشأن سياسات ترامب التجارية، وفقًا للمحللين. وفي هونغ كونغ، ارتفعت تكاليف تمويل اليوان الخارجي في الأيام الأخيرة في إشارة إلى أن بنك الشعب الصيني يحاول الدفاع عن سعر الصرف ضد المضاربين. وبينما لا يمكن تداول اليوان في السوق المحلية خارج نطاق 2% الذي يحدده بنك الشعب الصيني، لا يوجد مثل هذا القيد على اليوان الخارجي.
تراجعت الأسهم الصينية أيضًا يوم الأربعاء، حيث انخفض مؤشر CSI 300 الصيني بنسبة 0.2%، وتراجع مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ بنسبة 0.9%.