منذ سنوات واسم الملياردير الأميركي إيلون ماسك لامع في عالم الأعمال أميركيا وعالميا، بوصفه مستثمرا رائدا مبتكرا وأغنى رجل في العالم، إلى أن رسّخ موقعه هذا بلا منازع بإثارته جدلا كبيرا، حيث أنهى، يوم الاثنين، صفقة استحواذ على شبكة التواصل الاجتماعي "تويتر".
اشترى ماسك "تويتر" بمبلغ 44 مليار دولار، واستخدم 21 مليار دولار من ثروته الشخصية لشراء هذه "الساحة العامة"، فيما تقدر مجلة "فوربس" Forbes صافي ثروته الحالية بنحو 266 مليار دولار.
وكان قد اشترى حصة 9% في "تويتر" في وقت سابق من إبريل/نيسان، ثم عرض شراء الشركة بأكملها، معلنا أن هدفه "الحفاظ على حرية التعبير"، لتعلن الشركة المطروحة للتداول العام في بيان أنها ستصبح شركة خاصة مملوكة لماسك، الذي تفاوض على سعر شراء قدره 54.2 دولارا للسهم الواحد، علما أن حسابه الخاص على "تويتر" يتابعه 84 مليون مستخدم.
فماذا تعرف عن بدايات إيلون ماسك ومسيرة نجاحه؟
بدأ ماسك مساره الصعودي من صاحب رؤية تكنولوجية إلى أن أصبح "ملكا لوسائل الإعلام الاجتماعية"، وفقا لما عنونت وكالة "فرانس برس" في بروفايل خصصته لماسك بعد شرائه "تويتر"، معتبرة أنه "في بعض الأحيان يبدو الأمر وكأن هذا عالم إيلون ماسك الذي نعيش فيه نحن".
فقد استطاع الرجل إحداث ثورة في صناعة السيارات، وأرسل صاروخه إلى الفضاء، وحقق أكبر ثروة في العالم، وخلق نوافير من الغضب الأخلاقي وإشاعات المشاهير على طول الخط.
ماسك، البالغ من العمر 50 عاما، أصبح أغنى شخص في العالم منتزعا اللقب من جيف بيزوس Jeff Bezos مؤسس "أمازون" Amazon، بعد الصعود السريع لشركة "تسلا" Tesla المتخصصة بصناعة السيارات الكهربائية والتي أسسها عام 2003.
استحوذ استيلاؤه على "تويتر" على سلسلة من الإعلانات والإعلانات المضادة، ويؤجج مظهره الجديد كرائد في وسائل التواصل الاجتماعي الجدل حول آرائه السياسية وأساليب عمله وشخصيته. فهو تحرري مندفع ويروج لنفسه كبطل لحرية التعبير. وقد يسميه البعض يمينيا، بينما يتهمه منتقدوه بأنه استبدادي ومتسلط.
وجاء كل هذا في شهر احتل فيه ماسك عناوين الأخبار أيضا مع افتتاح شركة "تسلا" مصنعا ضخما gigafactory في تكساس، بعدما غادرت الشركة كاليفورنيا على أثر نزاع حول جهوده لتحدي إغلاق الدولة مصنعه لوقف انتشار وباء "كوفيد-19".
وثمة أمر آخر على هذا الصعيد، فشركته للنقل الفضائي "سبايس إكس" SpaceX تكسر حاليا حدودا أخرى كشريك في مشروع ثلاثي الاتجاهات أرسل أول مهمة خاصة بالكامل إلى محطة الفضاء الدولية.
لكن ماسك تصدر عنه أيضا أخبار أقل إرضاء. فقد واجهت "تسلا" سلسلة دعاوى قضائية تتعلق بالتمييز في حق العمال السود، وكذلك بالتحرش الجنسي.
ماسك.. حياة شخصية بقواعده الخاصة
وتوازيا مع تدفق أخباره المثيرة للجدل في عالم الأعمال، فإن ولع ماسك بالعيش وفقا لقواعده في حياته الخاصة يبقي العالم أيضا شاخص الأبصار إليه.
فقد تبيّن في الآونة الأخيرة أن ماسك رُزق بطفل ثان من شريكته الموسيقية غرايمز Grimes، والطفلة فتاة أسموها "إكسا دارك سيديريل ماسك" Exa Dark Sideræl Musk رغم أن الوالدين سيدعوانها غالبا باسم "واي" Y.
تزوج ماسك، الذي يحمل الجنسيات الأميركية والكندية والجنوب أفريقية، وطلق 3 مرات، إحداها من الكاتبة الكندية جوستين ويلسون Justine Wilson، ومرتين من الممثلة تالولا رايلي Talulah Riley. ولديه 7 أبناء، ومات له طفل ثامن في سن الطفولة.
ومن المتوقع أن يظهر شخصيا أو عبر محاميه في المحاكمة الجارية بين الممثل الهوليودي جوني ديب Johnny Depp وزوجته السابقة أمبر هيرد Amber Heard التي كانت قد واعدت ماسك سابقا.
ماسك.. من التكنولوجيا وأول الملايين إلى الفضاء
بطريقة أو بأخرى، أصبح ماسك صاحب إحدى أكثر الشخصيات انتشارا في عالم اليوم. فكيف وصل إلى ما هو عليه اليوم؟
وُلِد ماسك في عاصمة جنوب أفريقيا بريتوريا، بتاريخ 28 يونيو/حزيران 1971، لأب مهندس وأم كندية المولد، وغادر جنوب أفريقيا في أواخر سن المراهقة للالتحاق بجامعة "كوينز" Queen في أونتاريو الكندية. ثم انتقل إلى جامعة بنسلفانيا بعد عامين، وحصل على درجة البكالوريوس في الفيزياء والأعمال.
وبعد تخرجه من مدرسة "إيفي ليغ" Ivy League المرموقة، تخلى ماسك عن الدراسة في "جامعة ستانفورد" Stanford University.
وبدلا من الدراسة، أسّس شركة "زيب2" Zip2 الموجهة لصنع برمجيات للنشر عبر الإنترنت غرضها صناعة الإعلام، وجمع أول الملايين في حساباته قبل سن الثلاثين عندما باعها لشركة "كومباك" Compaq الأميركية لصناعة الكمبيوتر مقابل أكثر من 300 مليون دولار في العام 1999.
شركة ماسك التالية كانت "إكس دوت كوم" X.com، واندمجت في النهاية مع "باي بال" PayPal، شركة المدفوعات عبر الإنترنت التي اشترتها شركة "إيباي" eBay العملاقة للمزادات على الإنترنت مقابل 1.5 مليار دولار في عام 2002.
وبعد مغادرته "باي بال"، شرع ماسك في سلسلة من المشاريع الطموحة أكثر من أي وقت مضى.
وما لبث أن أسس ماسك "سبايس إكس" SpaceX عام 2002، ويشغل الآن منصب رئيسها التنفيذي ورئيسا لقسم التكنولوجيا فيها، ثم أصبح رئيسا لشركة "تسلا" عام 2004.
وبعد بعض الاصطدامات المبكرة والحوادث الوشيكة، أتقنت "سبايس إكس" فن المحركات الداعمة للهبوط على أرض صلبة ومنصات المحيط، مما جعلها قابلة لإعادة الاستخدام، وأرسلت في أواخر العام الماضي 4 سائحين إلى الفضاء، في أول مهمة مدارية على الإطلاق بدون رواد فضاء محترفين على متنها.
شركة ماسك "ذي بورينغ كومباني" The Boring Company المتخصصة بخدمات البنية التحتية وتشييد الأنفاق تقود نظام النقل بالسكك الحديدية "هايبرلوب" Hyperloop فائق السرعة الذي ينقل الناس بسرعة تفوق سرعة الصوت. وقد قال ماسك إنه يريد أن يجعل البشر "نوعا ما بين الكواكب" من خلال إنشاء مستعمرة للأشخاص الذين يعيشون على المريخ.
وتحقيقا لهذه الغاية، تطور "سبايس إكس" نموذجا أوليا لصاروخ "ستارشيب" Starship الذي تتصور أنه يحمل طاقما وشحنا إلى القمر والمريخ، وما وراءهما، حيث قال ماسك إنه يشعر "بالثقة" في إجراء اختبار مداري هذا العام.