تحاول الحكومة المغربية محاصرة تداعيات ارتفاع أسعار السولار في السوق المحلية، عبر توفير دعم مالي مباشر للعاملين في نقل السلع والمسافرين، غير أن المستهلكين الأفراد للسولار سيتحملون الزيادات دون دعم، ما أثار تساؤلات حول مصير هذه الشرائح من الزيادات الكبيرة التي تشهدها الأسعار.
فقد أخبرت الحكومة أصحاب نقل السلع والبضائع والمسافرين والنقل الدولي وسيارات الأجرة، بإطلاق منصة رقمية اعتباراً من، أمس الأربعاء، من أجل تقديم ملفاتهم، كي يستفيدوا من الدعم المالي المباشر الذي يستهدف تقليص التكاليف الناجمة عن صعود أسعار الطاقة عالمياً.
ولم تحدد الحكومة مبلغ الدعم الذي سيخصص للعاملين في قطاع النقل، غير أنها أكدت، حسب مصادر شاركت في اجتماع مع وزيري النقل والموازنة، قبل يومين، أن الدعم سيوجه إلى جميع أنواع النقل، مشيرة في تصريحات لـ"العربي الجديد" إلى أن ذلك سيجري "لفترة محدودة"، لاسيما مع ارتفاع سعر السولار في السوق إلى حوالي 12 درهما لليتر (1.2 دولار) والبنزين إلى أكثر من 14 درهماً لليتر.
ويعتبر مستوى أسعار البنزين والسولار غير مسبوق في تاريخ المغرب، حتى بعد تحرير أسعار السلعتين في عام 2015، حيث زاد سعر السولار أكثر من أربعة دراهم عما كان عليه قبل التحرير.
وعزت الحكومة ارتفاع أسعار السولار في السوق المحلية إلى المستوى الذي بلغه عالمياً، حيث وصل السولار المكرر في سوق "روتردام" إلى أكثر من 900 دولار للطن، حسب الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، مشيرا إلى أنه يجب أخذ تكاليف أخرى بعين الاعتبار، مثل التخزين والنقل والتأمين.
وترمي الحكومة من وراء توفير دعم للعاملين في قطاع النقل إلى تجنب انعكاس أسعار السولار على الثمن النهائي للسلع والخدمات، وفق تصريحات أخيرة لوزير الموازنة فوزي لقجع.
غير أنه في الوقت الذي يحظى مهنيو النقل بالدعم، فإن أصحاب السيارات والمركبات من الأفراد، سيكون عليهم تحمل الأسعار الحالية المرتفعة دون دعم من الحكومة.
ويقتصر الدعم الذي توفره الحكومة عبر صندوق المقاصة على غاز الطهي والدقيق (الطحين) والسكر، حيث من المتوقع أن يقفز دعم تلك السلع من 1.8 مليار دولار مقدرة في الموازنة، إلى حوالي 3.1 مليارات دولار.
ويقول الخبير الاقتصادي، مصطفى ملغو، لـ"العربي الجديد" إن الوضعية الحالية التي يواجهها المغرب تأتي بسبب تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا على سوق الطاقة العالمية، وكذلك توقف تكرير النفط في المغرب، بعد إغلاق مصفاة "سامير" قبل أكثر من سبعة أعوام، بسبب تفاقم مديونيتها، ما جعل المغرب يعتمد بشكل كامل على الاستيراد.
ويعتبر ملغو، أنه لو بقيت المصفاة تشتغل إلى حدود اليوم، لكانت ساهمت في حصر سعر السولار والبنزين في مستوى أقل من الأسعار القياسية الحالية، مشيرا إلى أن المغرب، غير المنتج للنفط، كان قد شيد المصفاة في ستينيات القرن الماضي، من أجل عدم الارتهان لتقلبات الأسعار في السوق الدولية، كما هو الحال اليوم.
بدوره، يشير الخبير الاقتصادي محمد الشيكر، إلى عامل آخر يتسبب في قفزات أسعار الوقود محلياً، موضحا أن الرسوم الجبائية تمثل 44% من سعر الوقود في المغرب، وكلما ارتفع سعر تلك السلعة كلما ارتفعت إيرادات الخزانة من تلك الرسوم.
ويعتبر أنه بإمكان الحكومة إعادة النظر في هذه الرسوم للحد من ارتفاع الأسعار، متسائلا حول مدى قدرة الأسر على تحمل تبعات الارتفاع القوي لأسعار السولار والبنزين في ظل المستوى الحالي للأسعار عالمياً.