لجأ المصري أحمد رمضان (44 عاماً) وهو أب لثلاثة أطفال، للشراء بـالتقسيط قبل ثمانية أشهر بعد أن شعر بلهيب الأسعار المرتفعة التي زادت ضغوط المعيشة على المصريين، خلال العام الماضي. واستخدم خدمات التقسيط لشراء جهاز تلفزيون وهاتف محمول لابنته وحتى ملابس لأسرته.
وقال أحمد: "أنا حالياً استخدمت التقسيط لأنّ المعيشة لم تعد كما في السابق، الأسعار غلت جداً، المعيشة ليست كما كانت، والشركات التي تعتمد هذه الخدمة ساعدتنا بالتقسيط ووفرت معي بعض السيولة".
وأضاف: "الآن مثلا في جيبي ألفا جنيه (نحو 65 دولارا)، سأذهب لشراء ملابس للأولاد الثلاثة وأمهم مثلا، الألفا جنيه لن تكفي، لو كان هناك مكان متاح لي فيه التقسيط، فإنني سأدفع الألف جنيه وأشتري ملابس للبيت كله وأقسط المبلغ المتبقي علي. نعم التقسيط يفرق كثيرا، فمن الممكن أن يكون التقسيط أغلى من النقدي في أوقات معينة، ولكنه أسهل وأحسن لأنني أوفر إمكانيات للبيت كله وليس لفرد واحد".
وأردف أن السيولة الإضافية ستساعد في دفع مصروفات مدارس أطفاله.
وقال مستهلكون ورواد في مجال الصناعة لوكالة "رويترز" إن المصريين يعتمدون بشكل متزايد على الدفع بالتقسيط ليس فقط لشراء سلع باهظة الثمن، ولكن لشراء سلع عادية رخيصة نسبيا مثل الملابس والبقالة، في وقت تواجه فيه الدولة ارتفاعا قياسيا في التضخم.
وتسارع التضخم في مصر إلى أعلى مستوياته في خمس سنوات، بعد أن عصفت الحرب في أوكرانيا بالأوضاع المالية، وهوت قيمة العملة بنحو 50 بالمائة منذ مارس/ آذار 2022 وسط مفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
كما أُتيحت خدمة الدفع بالتقسيط هذا العام في معرض القاهرة الدولي للكتاب بعد أن خشي الناشرون من ضعف مبيعات سلع تعد غير أساسية.
وقال سعيد عبده، رئيس اتحاد الناشرين المصريين، إن "القارئ في الظروف الاقتصادية الموجودة ممكن عنده بدائل كثيرة جدا، محتاج لباس، مأكل، مشرب، حاجات كثيرة جدا. في أولوياته سيجد الكتاب في ذيل الاهتمامات، أو غير موجود أصلاً، معرض الكتاب فيه قراء كثر جدا ينتظرون هذا الحدث من السنة للسنة، فمن الممكن ألاّ تكفي كمية السيولة لتغطية الرغبات أو الاحتياجات".
وأضاف: "وبالتالي كانت المبادرة بجعل الأسرة تشتري أو الفرد يشتري طبقا لحد بطاقته، أيا كانت بطاقة الفيزا، ويقسط المبلغ على سنة بدون فوائد، هنا القارئ حقق كل ما يتمناه واشترى بالكمية أو التنوع الذي يريده، والناشر يحصد مبيعات طيبة ولا تتأثر بالأزمة الاقتصادية ويحصل على أمواله كاملة من البنك".
وشهدت "سيمبل"، وهي شركة لخدمة الدفع بالتقسيط مقرها القاهرة، زيادة في نشاط عملياتها في الأشهر الماضية. وقالت الشريك المؤسس ورئيسة القطاع التجاري بها، ياسمين حنة لـ"رويترز" إن عدد العملاء الجدد قفز 50 بالمائة في يناير/ كانون الثاني مقارنة بالشهر السابق.
وأضافت: "نحن نستهدف أي شخص يريد المحافظة على مستوى معيشته من غير أن ترهقه زيادة الأسعار والغلاء. نتكلم هنا عن ربة المنزل التي تريد شراء نفس البقالة التي تعودت عليها قبل ارتفاع الأسعار، أو رجل الأعمال أو الموظف الذي يريد الاشتراك في نادٍ أو يريد أخذ عائلته إلى طبيب، عند ذلك نساعد نحن بتقديم إمكانية تقسيط المبلغ".
وتابعت ياسمين حنة قائلة: "بعد ما حدث من خفض لقيمة الجنيه، تضاعفت أرقامنا خلال أسابيع، والزيادة كانت في فئات معينة، فالناس مثلاً باتت تركز أكثر على أساسيات الحياة كالسوبرماركت، ومواد البقالة. وفي الأزياء أيضاً، بات الناس يشعرون بضرورة شراء ما يريدون اليوم قبل الغد قبل أن يرتفع ثمنه، دون دفع الثمن كاملاً دفعة واحدة".
ويستخدم العملاء الحاليون الخدمة أيضا بشكل أكبر، إذ يمثل هؤلاء الذين يستخدمون الخدمة بشكل متكرر 40 بالمائة من إجمالي المعاملات الشهرية في يناير/ كانون الثاني بارتفاع حاد من خمسة بالمائة فقط في الشهر نفسه من العام الماضي.
وأوضحت ياسمين أن الشركة تخطط لإدخال خدمات جديدة مثل دفع فواتير المياه والكهرباء.
ولم تعجب فكرة السداد بالتقسيط في البداية محمد محمود، وهو مواطن آخر لديه ثلاثة أطفال، لكنه الآن أعاد النظر فيها من أجل تلبية احتياجات أسرته.
وقال محمود: "لأنه لا يوجد نقود أو سيولة بالمعنى الأصح فهذا ما يدفعنا إلى الاتجاه نحو التقسيط. ولو كانت لدينا سيولة لما كان هناك سبب للشراء بالتقسيط".
وأضاف: "نحن نستعمل التقسيط من أجل الأساسيات، الأكل والشرب، وليس من أجل شراء الكماليات أو أدوات الزينة، الموضوع تخطى هذه المرحلة".
(رويترز)