تفتقد موائد السوريين يوماً بعد يوم أحد مكوناتها الرئيسية، وهو الفروج (الدجاج)، وذلك من جراء ارتفاعات الأسعار المتواترة في مقابل تراجع القدرة الشرائية وهبوط قيمة الأجور بسبب التضخم. إذ حلقت أسعار الدجاج خلال الشهر الماضي بسبب غلاء الأعلاف وارتفاع تكاليف النقل وضعف العرض.
تقف سيدة في الثلاثينيات من العمر تمسك بيد طفلها الذي لم يبلغ عامه الثامن بعد أمام محل بيع الدجاج. تسأل عن الأسعار وتحاول أن تقنع ابنها بأن ليس بقدرتها شراء الدجاج اليوم، لأنها لا تملك المال، وتعده بشراء دجاجة بداية الشهر المقبل عندما يتسلّم والده الراتب.
تقول السيدة لـ"العربي الجديد": "لا يمكنني شراء الدجاج، أسعاره ارتفعت كثيراً، أخيراً، وراتب زوجي لا يحتمل دفع مثل هذا المبلغ". وتضيف: "أصبحنا نطهو أغلب الوجبات من دون لحمة منذ أشهر طويلة، وقد أصبح الدجاج ملجأنا، لكون سعره أقل من اللحوم الحمراء، إلا أنه مع وصول كيلوغرام الدجاج إلى 12 ألف ليرة سورية على الأقل (سعر صرف الدولار الواحد نحو 3800 ليرة سورية)، تحولت حتى اللحوم البيضاء إلى سلعة صعبة المنال، إذ إن راتب زوجي لا يتجاوز 150 ألف ليرة، فيما الغلاء يسيطر على جميع المواد الغذائية في السوق".
من جانبه، يقول محمد العشي (47 عاماً)، صاحب محل بيع دجاج في دمشق، لـ"العربي الجديد" إن "الأسعار ترتفع بشكل شبه يومي، وخاصة خلال الأسابيع الأخيرة، وذريعة تجار الجملة ارتفاع أسعار الأعلاف والنقل الذي تضاعف تقريباً في ظل أزمة الوقود".
ويلفت إلى أن "حجم المبيعات تراجع بوضوح خلال شهر رمضان، بالرغم من أن هذا الشهر كان سابقاً يعتبر موسم الاستهلاك، حيث ترتفع خلاله المبيعات، حتى حجم الأرباح تراجع في ظل ارتفاع الأسعار، فأصبحت أحاول وضع هامش ربح قليل، علّه يشجع الناس على الإقبال على الشراء".
ويبين أن "الطلب اليوم يتركز على أرخص قطع الدجاج مثل الجوانح أو القوانص ورقاب الدجاج مع الرأس، وهناك من يشتري ما أصبح يعرف بكباب الدجاج، وهي عبارة عن بقايا لحم الدجاج مع القوانص والعظم يطحن بشكل ناعم، وهناك يومياً الكثير من الأشخاص يسألوننا عمّا إن كان يتوافر لدينا القفص الصدري للدجاج أو أقدام الدجاج، التي كنا نرميها في ما سبق بالقمامة".
بدوره، يقول رئيس لجنة مربي الدواجن نزار سعد الدين، في حديث لصحيفة محلية، إن الطلب على الفروج والبيض انخفض بنسبة 15 في المائة خلال نهاية شهر رمضان قياساً للطلب في بداية الشهر، لافتاً إلى أن استهلاك الفروج من قبل المواطنين خلال شهر رمضان أقل بنسبة 40 في المائة مقارنة بالعام الماضي، وذلك نتيجة ضعف القوة الشرائية وارتفاع تكاليف النقل التي ازدادت بنسبة 50 في المائة، مشيراً إلى أن نسبة لا بأس بها من المواطنين يشترون الفروج "بالقطعة".
ويلفت إلى أن نسبة الذين يعملون بتربية الدواجن حالياً منخفضة جداً ولا تتجاوز 25 في المائة ممن كانوا يعملون في هذا القطاع في السابق، وبالرغم من خروج نسبة كبيرة من المربين عن الإنتاج، فإن معروض الفروج والبيض حالياً يغطي الطلب نتيجة ضعف القوة الشرائية وهبوط حجم الطلب المحلي.
وكان عضو مجلس الشعب التابع للنظام بسيم الناعمة، قد قال قبل بضعة أسابيع، بحسب تقارير إعلامية محلية، إن المواطنين سيُحرَمون قريباً الفروج، بسبب ما وصفه بتلاعب بعض المستوردين بالأسعار، وسط عدم تدخل من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.
يُذكر أن برنامج الأغذية العالمي، في تقريره السنوي لعام 2021 الصادر أخيراً، أكد أن ثلاثة من كل خمسة سوريين يعانون من "انعدام الأمن الغذائي"، بعد الارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية، وتدهور الاقتصاد في جميع أنحاء سورية.