الغطرسة الإيرانية

28 ديسمبر 2015
إيران تهدد بخفض أسعار النفط (فرانس برس)
+ الخط -

تتصرف إيران في سوق النفط العالمية وكأنه لا يوجد من ينافسها في هذا السوق الضخم الذي تتجاوز مبيعاته 1.2 مليار دولار يومياً، ويطلق كبار المسؤولين الإيرانيين تصريحات مستفزة للسوق والمنتجين وكأنه لا يوجد من يقف أمامهم أو على الأقل يقول لهم توقفوا عن هذه التصريحات اللامسؤولة.

وتتجاهل طهران قرارات منظمة في حجم منظمة "أوبك" التي لا تزال تدير 40% من إنتاج النفط العالمي، وتنسق مع دول كبرى منتجة للنفط من خارج "أوبك"، رغم أنه من المفروض أن تنسق مع المنظمة العالمية التي هي عضو فاعل بها.

المتابع لتصريحات كبار المسؤولين الإيرانيين خلال الفترة الأخيرة، يجد أنها تتسم بالغطرسة والغرور وأحياناً بالاستفزاز، إذ بات كل ما يهم طهران هو زيادة إنتاجها النفطي تحت زعم تعويض ما فاتها في فترة العقوبات الغربية التي كانت مفروضة عليها لسنوات طويلة، دون مراعاة لظروف السوق والأسعار السائدة وحجم الإنتاج والفائض.

يحدث ذلك رغم أن السياسة الإيرانية قد تؤدي لحدوث مزيد من الانهيارات في سوق النفط العالمية ومعها انهيارات في اقتصاديات الدول المنتجة التي تعاني أصلا بسبب تهاوي الأسعار، وبالتالي تكون طهران من بين المتضررين أيضاً حتى ولو ضاعفت إنتاجها لمليوني برميل أو أكثر يومياً كما هو الحال قبل فرض العقوبات الغربية.

أمس أعلن وزير النفط الإيراني بيجن زنكنه أن بلاده ستخفض أسعار النفط للدول الذي تستورده منها مقارنة بالسعر المتعارف عليه في السوق النفطي، وذلك بعد إلغاء العقوبات الدولية المفروضة عليها.

وهذا يعني أن إيران تضارب في الأسواق ولن تلتزم بالأسعار السائدة للنفط في العالم، وبالتالي لا تختلف هنا عما يفعله تنظيم داعش وغيره من المليشيات التي تبيع النفط في السوق السوداء بسعر يقل عن السعر المتداول في الأسواق الدولية لحصد مزيد من الأموال حتى ولو أدت هذه الممارسات للإضرار الشديد بالسوق وكبار المنتجين.

لم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد خرج علينا وزير النفط الإيراني خلال الفترة الأخيرة بعدة تصريحات يقول فيها إن إيران لا تحتاج إلى أخذ الإذن من أحد لزيادة إنتاجها النفطي بعد رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، وإن بلاده لا تحتاج لإذن من أي دولة كي تعود لمعدلات إنتاج ما قبل فرض العقوبات.

لا تقف تصريحات الوزير الإيراني عند هذا الحد المستفز، بل ويضيف أن على الدول الأعضاء الآخرين في منظمة أوبك تقليص إنتاجهم لإفساح الطريق لعودة إيران إلى السوق.

أي أن الوزير يطالب الدول الأخرى ومنها دول الخليج، بخفض إنتاجها النفطي لصالح إيران وإنعاش اقتصاده وزيادة موارده من النقد الأجنبي، وبالتالي زيادة قدرته على التدخل عسكرياً ومالياً في المنطقة، ومد نفوذه لأبعد من العراق واليمن وسورية ولبنان.

إيران المغرورة تسكب البنزين على النار لتزيد انهيار أسعار النفط انهياراً، وتصر على إغراق الأسواق الدولية بالنفط سواء عبر خفض الأسعار أو زيادة الإنتاج أو عدم الالتزام بالسقف الذي حددته منظمة أوبك، وهذا السلوك يربك حسابات الدول الكبرى المنتجة للنفط وعلى رأسها بالطبع دول الخليج والولايات المتحدة والجزائر والعراق وفنزويلا.

اقرأ أيضا: إيران تتأهب لنزول النفط دون 30 دولاراً للبرميل

المساهمون