فرضت جائحة كورونا معطيات جديدة على سوق العمل في الأردن الذي يشهد ارتفاعا كبيرا في أعداد الإصابات منذ الشهر الماضي، وسط مخاوف من استمرار الشركات والمنشآت في تسريح العاملين لديها بسبب الظروف الصعبة التي تمر بها حاليا.
وتقدر وزارة العمل الأردنية أعداد الذين تم فصلهم من أعمالهم بشكل رسمي وموثق لديها منذ مارس/ آذار الماضي وحتى شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري بحوالي 8300 عامل من مختلف المنشآت، فيما يقول المرصد العمالي الأردني (مؤسسة مجتمع مدني) إن عشرات آلاف الأردنيين خسروا أعمالهم بسبب الجائحة.
وقد ارتفعت نسبة البطالة في الأردن الى 23% خلال الربع الثاني من العام الحالي فيما يرجح أن تواصل ارتفاعها خلال العام الحالي بسبب التحديات الناتجة عن أزمة كورونا.
واتجهت العديد من المنشآت لتشغيل عمالها عن بعد، وتخفيض رواتبهم بنسب كبيرة، ما أثر على أوضاع شريحة كبيرة من العمال الذي باتوا يخشون على استمرار انخفاض معاشاتهم حتى بعد زوال جائحة كورونا، ذلك أن التعليمات الصادرة من قبل الحكومة تخدم أصحاب العمل على حساب العمال.
ومن جانبه، قال رئيس المرصد العمال الأردني، أحمد عوض، لـ"العربي الجديد" إن العمل عن بعد ينطوي على العديد من التحديات والمخاطر كتخفيض رواتب الموظفين وتقليص أعدادهم وتوجه كثير من الشركات للاستمرار بتطبيق سياسة العمل عن بعد، وخاصة للأشخاص الذين تتطلب وظائفهم العمل من المنزل، ما يؤدي الى ارتفاع نسبة البطالة وتزايد الفقر نتيجة لانخفاض الأجور.
وأضاف أنه لا بد من وجود ضوابط للعمل عن بعد، تضمن حق العمال وعدم تسريحهم بحسب أهواء أصحاب العمل وضرورة أن يرتبط التقييم بالإنتاجية، سواء أكان الشخص في مكان عمله أو يؤدي المطلوب منه في منزله.
منتدى الاستراتيجيات الذي عقد مؤخرا، أكد ضرورة وضع استراتيجية واضحة للتحول السريع نحو العمل عن بعد لحماية الصحة والسلامة المهنية لموظفيه في حالة تفشي أي وباء في المستقبل.
وبحسب التصنيف الدولي المعياري الموحد للمهن الصادر عن منظمة العمل الدولية، فإن الوظائف الثلاث التي تحتل الصدارة بإمكانية العمل فيها عن بعد هي الكمبيوتر والبرمجيات بنسبة 100% ووظائف التعليم والتدريب والمكتبات بنسبة 85 إلى 98 % والمهن القانونية بنسبة 84 إلى 97 %.
أما الوظائف التي تأتي في نهاية قائمة الوظائف التي يمكن العمل فيها عن بعد بنسبة صفر بالمائة، فهي وظائف تنظيف المباني وصيانتها، ووظائف إعداد الطعام والخدمة ذات الصلة، إضافةً إلى وظائف البناء والصناعات الاستخراجية.
وقال مدير مركز بيت العمال الأردني، حمادة أبو نجمة، لـ"العربي الجديد" إن كورونا وضع سوق العمل أمام تحديات غير مسبوقة وخاصة مع قرارات الحظر والإغلاق التي تتخذها الحكومة من حين لآخر لاحتواء انتشار الوباء في الأردن.
وأضاف أن العمل عن بعد في الأردن قد ينجح في عدد قليل من القطاعات، ما يعني أن المجالات الأخرى لا تستطيع القيام بأعمالها عن بعد، خاصة القطاعات الإنتاجية وعدم توفر البنى التحتية والمتطلبات اللازمة لممارسة الموظفين وعمال المنشآت أعمالهم عن بعد مثل الأمور التكنولوجية وغيرها.
وقال أبو نجمة الذي عمل سابقا وكيلا لوزارة العمل الأردنية إن العمل عن بعد ربما تنجم عنه مخاطر بالنسبة للعمل مثل تخفيض الرواتب والأجور والاستغناء عن عدد منهم في وقت لاحق، ما يؤدي الى ارتفاع نسبة البطالة.
وبموجب لتعليمات العمل عن بعد التي أصدرتها وزارة العمل سابقا يجوز لصاحب العمل في أي من المؤسسات والمنشآت المصرح لها بالعمل أو المؤسسات والمنشآت المشمولة بقرار التعطيل وغير المصرح لها بالعمل تكليف أي من العاملين لديه بالعمل عن بعد وذلك بشكل كلي أو جزئي إذا تطلبت مصلحة العمل ذلك.