استمع إلى الملخص
- **أرقام التجارة المخزية**: شهدت الإمارات ومصر والبحرين والمغرب زيادات كبيرة في التبادل التجاري مع إسرائيل خلال النصف الأول من عام 2024، بينما انخفضت التجارة بين الأردن وإسرائيل بنسبة 16%.
- **المقاطعة الشعبية والتناقض الحكومي**: رغم تصاعد المقاطعة الشعبية للسلع الإسرائيلية، تستمر الحكومات العربية في تعزيز التجارة مع إسرائيل، مما يثير استياءً واسعاً بسبب التناقض بين رغبات الشعوب وسياسات الحكومات.
لا تتوقف المفاجآت المخزية التي تكشف عنها نتائج الحرب الإجرامية على قطاع غزة، والتي دخلت شهرها الحادي عشر، خاصة في ما يتعلق بجانب التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل والتجارة النشطة بين دولة الاحتلال وعدد من الدول العربية، حيث الزيادة والتوسع في مستوى العلاقات التجارية وأنشطة تصدير السلع والمنتجات العربية للأسواق الإسرائيلية، بما فيها السلع الغذائية، مع تنشيط الجسر البري الذي تستخدمه شاحنات محملة بالبضائع باتجاه أسواق إسرائيل، ويمر بالأردن قادماً من الإمارات ودول خليجية أخرى، بديلاً عن السفن الإسرائيلية والأجنبية التي فرضت جماعة الحوثي اليمنية حظراً على مرورها، عبر طريق البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
ويوماً بعد آخر تتكشف حقائق وأرقام مخجلة عن تنامي التجارة بين الدول العربية وإسرائيل في فترة ما بعد بدء الحرب، وكيف أن حكومات عربية باتت تلعب دور الممون الرئيسي لأسواق ومصانع إسرائيل، وتلبية احتياجات ورفاهية المواطن الإسرائيلي من السلع والخدمات الحياتية والمعيشية، وكبح أي زيادات في أسعار السلع داخل دولة الاحتلال.
بل وتكشف الأرقام المتعلقة بتجارة العرب النشطة مع دولة الاحتلال عن أن السلع الغذائية والمواد الخام وقطع الغيار ومستلزمات الإنتاج تتدفق ليل نهار من الموانئ والطرق البرية العربية على إسرائيل، في الوقت الذي يجري فيه تجويع أهالي غزة وغلق المعابر في وجه المساعدات الإنسانية.
واللافت هنا أن مؤسسات حكومية ووسائل إعلام إسرائيلية وصحف عبرية هي من تكشف عن هذا الخزي التجاري الذي يلاحق حكومات عربية غضت الطرف عن قتل جيش الاحتلال ما يزيد عن 40 ألفاً من أبناء غزة، معظمهم من الأطفال والنساء والعجائز، كما تلعب دوراً في تجويع أهالي القطاع، وحرمانهم من ضروريات الحياة، ومن سلع معيشية، مثل الغذاء والمياه والوقود.
العرب والتجارة النشطة مع إسرائيل.. إليك الارقام
ونظرة لأحدث تقرير صادر عن مكتب الإحصاء المركزي في إسرائيل، ونشره معهد السلام لاتفاقات أبراهام، فقد كشف وبالأرقام عن تجارة نشطة للعرب مع الكيان وارتفاع التبادل التجاري بين إسرائيل و4 دول عربية، هي الإمارات ومصر والبحرين والمغرب، وانخفاضه مع الأردن خلال النصف الأول من العام الجاري.
جاءت الإمارات في مقدمة الدول العربية الداعمة لإسرائيل تجارياً وسلعياٌ، فوفق الأرقام فإن حجم التجارة بين إسرائيل والإمارات بلغ 271.9 مليون دولار في شهر يونيو 2024، بزيادة 5% مقارنة بيونيو 2023 الذي سبق الحرب بأكثر من ثلاثة أشهر.
وخلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، بلغ إجمالي التبادل التجاري بين البلدين 1.66 مليار دولار، بزيادة 7% مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2023، وأن موانئ دبي وجبل علي تموين أسواق إسرائيل بكافة احتياجاتها من السلع ومدخلات الإنتاج.
تكرر السيناريو نفسه مع مصر، حيث أظهرت البيانات حدوث زيادة كبيرة في التجارة بين إسرائيل ومصر، وصلت قيمتها إلى 35 مليون دولار في يونيو 2024، بزيادة 29% مقارنة بيونيو 2023. وخلال النصف الأول من العام الجاري بلغ إجمالي التبادل التجاري بين البلدين 246.6 مليون دولار، محققاً طفرة بلغت 53% مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2023.
أما حجم التجارة بين البحرين وإسرائيل فقد شهد خلال النصف الأول من عام 2024، قفزة قياسية غير مسبوقة بلغت نسبتها 879% ليصل إلى 70.5 مليون دولار. وبلغت 16.8 مليون دولار في يونيو 2024، بزيادة 740% عن يونيو 2023.
المغرب يبرم صفقة لشراء قمر تجسس من إسرائيل بقيمة مليار دولار، و64% زيادة في حجم التجارة بين البلدين خلال عام
أما المغرب، فبلغ حجم تجارته مع إسرائيل 8.5 ملايين دولار في يونيو 2024، بزيادة 124% مقارنة بالعام السابق. وخلال الأشهر الستة الأولى، بلغ إجمالي التبادل التجاري بين البلدين 53.2 مليون دولار، بنمو 64% مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2023.
كما أعلنت وسائل إعلام مغربية، في أكتوبر الماضي، أن المغرب يعتزم الحصول على قمر تجسس من شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية IAI) في إطار صفقة قيمتها مليار دولار.
وفي شهر فبراير/شباط 2023، أبرمت المغرب وإسرائيل صفقة بقيمة 500 مليون دولار لتزويد المملكة بنظام الدفاع الجوي والصاروخي باراك MX الذي تصنعه شركة IAI الإسرائيلية.
وأظهرت التجارة بين إسرائيل والأردن انخفاضاً إلى 35 مليون دولار في يونيو 2024 بتراجع 14% عن يونيو 2023. وخلال النصف الأول من 2024، انخفضت بنسبة 16% إلى 213.8 مليون دولار.
وربما يرجع ذلك الانخفاض لعدة عوامل، أبرزها حملات المقاطعة النشطة داخل المملكة للسلع الإسرائيلية، ومهاجمة نقابات وأحزاب والمجتمع المدني لمصدري السلع الأردنية للأسواق الإسرائيلية، بل وخروج وزير الزراعة الأردني، خالد حنيفات، مخاطباً تجار الخضار والفواكه الذين يصدرون إلى إسرائيل في ظل العدوان المستمر على غزة قائلاً لهم: "استحوا على حالكم شوي".
المقاطعة الشعبية الواسعة تؤدي إلى تراجع صادرات الأردن إلى إسرائيل في النصف الاول من العام الجاري
هذا الأرقام المتعلقة بتجارة العرب النشطة مع إسرائيل لا تختلف كثيراً عن تقرير آخر صدر قبل أيام عن وزارة الزراعة في دولة الاحتلال، كشف عن أن إسرائيل استوردت 224.6 ألف طن من الفواكه والخضراوات خلال الفترة من 8 أغسطس 2023 و7 أغسطس الجاري، أي من شهرين قبل بدء عملية طوفان الأقصى، وحتى بداية هذا الشهر، وكانت الأردن على رأس الدول الموردة، حيث زودت أسواق إسرائيل بعشرات الآلاف من الأطنان من الطماطم والخيار، وآلاف الأطنان من الفلفل والباذنجان والكوسة، ومئات الأطنان من اليقطين والزيتون والثوم، وهو ما بلغ إجماليه 46.5 ألف طن.
اللافت هنا أن الزيادة في عمليات التبادل التجاري بين إسرائيل ودول عربية تأتي في الوقت الذي تصاعدت فيه المقاطعة الشعبية العربية للسلع والمنتجات الإسرائيلية، ومنتجات الدول الداعمة للحرب على غزة، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، وكأن الحكومات العربية تضرب عرض الحائط بمشاعر ورغبات مواطنيها، وأحياناً ما تحرم المواطن من السلع المصدرة لأسواق دولة الاحتلال، وهو ما رفع الأسعار ومعدلات التضخم وكلفة المعيشة داخل أسواق تلك الدول.