أقرت وزارة الزراعة العراقية، بالتنسيق مع وزارة الموارد المائية، الخطة الزراعية للموسم الشتوي لهذا العام، بعد أن قلصت مساحة الأراضي المشمولة بالخطة إلى النصف، بسبب الأزمة المائية التي تعيشها البلاد، فيما تم استبعاد محافظات معينة من الخطة بشكل كامل.
يجري ذلك في وقت تعاني أغلب المحافظات العراقية من موجة جفاف غير مسبوقة، نتيجة قطع إيران روافد نهر دجلة. وتُعد المحافظات القريبة من إيران والمعتمدة على تلك الروافد الأكثر تضرراً من غيرها.
وتأخر العراق في إقرار خطته الزراعية للموسم الحالي، بعد محاولات لإقناع إيران بتغيير سياساتها المائية تجاه العراق، وطُرح عليها "تقاسم الضرر" بين البلدين، وحلول أخرى قابلتها كلها بالرفض. وأكد وزير الموارد المائية العراقي مهدي الحمداني أخيراً، أنه "لم يجد أي تعاون من قبل إيران بشأن استحصال حصتنا المائية".
ووفقا لهذه المعطيات، قال المتحدث باسم الوزارة حميد النايف في بيان، إن "وزارة الموارد المائية بينت أن الخزين المائي المتاح الموجود في السدود والخزانات يكفي لسد احتياجات مليونين وخمسمائة ألف دونم فقط (الدونم يضم ألف متر مربع)".
وأوضح النايف أنه "تم إقرار الخطة الزراعية، أمس الأحد، وفقا للمساحة التي حددتها وزارة الموارد المائية، بتخفيض مقداره 50% عن المساحات المقررة للعام الماضي، والتي كانت 5 ملايين دونم، وذلك نظراً لانحسار الإيرادات المائية".
وأشار إلى أن هذه الخطة جاءت لغرض ديمومة المياه في الخزين المتوفر في السدود والخزانات، ولأجل ضمان كميات المياه اللازمة للمحطات في المحافظات كافة والبستنة (الزراعة) للموسم الصيفي القادم.
وأضاف النايف أن "محافظة ديالى (المرتبطة حدودياً مع إيران) استُبعدت من الخطة الزراعية بشكل كامل، نتيجة انخفاض منسوب المياه في سد حمرين، بسبب قلة الإيرادات المائية، واقتصرت على تأمين المياه للأغراض البستنية ومياه الشرب حصرا".
وتابع أن "الوزارتين أكدتا منع الزراعة داخل حدود الأهوار (بين العراق وإيران) والمخارج الفيضانية في محافظات البصرة وواسط وذي قار وديالى وميسان"، مؤكدا أن "الوزارتين أكدتا وجوب التزام المزارعين والفلاحين بالمساحات الإروائية المقرّة في الخطة الزراعية حصراً وعدم تجاوزها".
من جهته، قال مسؤول في وزارة الموارد المائية العراقية، إن الخطة الزراعية وضعت بعد أن تم الاتفاق مع الجانب التركي على زيادة الدفقات المائية بنهري دجلة والفرات.
وأكد المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن "الأراضي الأكثر تضرراً والتي مُنعت من الزراعة أو قُلصت مساحاتها الزراعية في الخطة بشكل كبير، هي التي تعتمد على المياه الواصلة من إيران، والتي تم قطعها تماما".
وقال إن "إيران رفضت الجلوس مع وزارة الموارد المائية العراقية على طاولة واحدة، ولم تطرح أي حلول، وقررت منع الماء عن العراق، متجاوزة كل اتفاقات وقوانين تقاسم الماء".
وحذر المسؤول العراقي، من أن "العراق سيتضرر كثيراً من هذه الخطة، كما ستتضرر الكثير من العائلات التي تعتمد الزراعة كمورد رئيس لها".
وكان العراق قد توصل أخيراً إلى حلول لأزمة المياه مع تركيا، من خلال إبرام مذكرة تفاهم مشتركة بين الجانبين، نصت على التزام تركيا بإطلاق مياه عادلة ومنصفة للعراق في نهري دجلة والفرات.
فيما لوّحت الحكومة العراقية، في يوليو/تموز الماضي، باللجوء الى المؤسسات الدولية للحصول على المياه من إيران، وفقا لاتفاقيات تقاسم المياه، إلا أنها "الحكومة" لم تخط أي خطوة نحو تدويل الملف.