العراق يزيد رواتب المتقاعدين لمواجهة انخفاض قيمة الدينار

27 أكتوبر 2023
مقر البنك المركزي العراقي في العاصمة بغداد (فرانس برس)
+ الخط -

أقرَّت الحكومة العراقية زيادة مالية جديدة على رواتب المتقاعدين، تبلغ 100 ألف دينار عراقي (70 دولاراً أميركياً)، ممن يتقاضون رواتب "مليون دينار" فما دون، في محاولة لتعويض الخسارة المالية لهذه الشريحة وضعف القوة الشرائية بسبب انخفاض قيمة الدينار.

كما أقر مجلس الوزراء منح مخصصات مقطوعة بنسبة 50% لموظفي الدرجات الثامنة والتاسعة والعاشرة، ممن لا يتقاضون أية مخصصات عدا مخصصات الشهادة والحرفة، وفقاً لبيان رسمي صدر عن مكتب رئيس الحكومة محمد شياع السوداني.

ويسجل الدينار تراجعاً مستمراً بقيمته أمام الدولار بسبب المشاكل المالية والسرقات، وما يُعرف بمزاد العملة الذي يرعاه البنك المركزي، ومعاقبة عشرات البنوك الأهلية والخاصة المتهمة بتهريب الدولار إلى إيران.

وقد أصدرت الحكومة، في إبريل/نيسان الماضي، قراراً ألزم الشركات والمصارف كافة باستخدام الدينار فقط في تعاملاتها، ومن ضمنها رواتب موظفي الشركات الأجنبية التي كانت بالدولار، وأن تدفع بالدينار والسعر الرسمي 1320 ديناراً، باستثناء البعثات الدبلوماسية والتي يجرى دفعها بالدولار.

بدوره، عمم البنك المركزي القرار على المصارف العراقية للالتزام به، التي قامت بتنفيذ القرار وإجبار الشركات على استلام جميع حوالاتها الواردة بالدينار وبالسعر الرسمي، مع العلم أن سعر صرف الدولار في الأسواق يقترب من 1600 دينار عراقي.

وجاء قرار حكومة السوداني بزيادة المخصصات المالية لشريحة من الموظفين والمتقاعدين ضمن حزمة قرارات يراها مختصون أنها تؤدي إلى زيادة في إنفاق الدولة على شريحة الموظفين والمتقاعدين، من دون إيجاد حلول لمشكلة تهريب الدولار، واستغلال الصفقات المالية، ومنصة بيع الدولار من قبل متنفذين يتبعون أحزاباً وفصائل مسلحة.

واعتبرت هيئة التقاعد العراقية أن القرار "جاء بعد أشهر من السعي، والذي يمتد لحزمة إصلاحات كبيرة وكثيرة لشريحة المتقاعدين"، موضحة في بيان أنه "ينسجم مع دعم كبار السن وشريحة المتقاعدين وتحقيقاً للاهتمام الذي تبذله الحكومة لهذه الشريحة المهمة، من أجل تحسين المعيشة لرواتب المتقاعدين".

لكن المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق أشار إلى أن "ارتفاع سعر الدولار في السوق يجعل هذه الزيادة وهمية على القوة الشرائية بعد انخفاض قيمة الدينار العراقي، على اعتبار أن غالبية تعاملات السوق العراقية بالدولار لاعتماد الاستيرادات عليه بشكل كبير جداً"، موضحاً في بيان أنه "تجب السيطرة على أسعار الدولار في السوق بعد تجاوزه عتبة 1600 دينار عراقي، بينما سعره الرسمي 1320 ديناراً".

من جهته، قال الخبير الاقتصادي شاكر الحمداني إن "حكومة السوداني تقوم بإصدار قوانين ارتجالية ومستعجلة، من دون الانتباه إلى العواقب المالية على خزينة الدولة، ولأنها لا تستطيع معالجة الأزمات الكبيرة، تقوم بحلول ترقيعية"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "حجم الإنفاق الحكومي ارتفع بعد القرارات الأخيرة، وبالتالي فإن خللاً سيصيب الميزانية الحالية، خاصة أن القرار جاء بناءً على الميزانية الحالية وليس على القادمة".

وأكمل الحمداني أن "أزمة الدولار ستستمر وستتراجع قيمة الدينار أكثر وأكثر، بسبب التنصل الحكومي عن مواجهة مافيات المال التي تقوم بتهريب العملة الأميركية المخصصة للعراق إلى بلدان مجاورة، وأبرزها إيران"، متوقعاً أن "يشهد العراق مطلع العام المقبل خللا كبيرا في الأسواق بسبب العقوبات الأميركية التي قد تحدث في أي لحظة، لأن العراق لا يلتزم بالتوصيات الصادرة عن البنك المركزي الأميركي".

وفي وقتٍ سابق، أكد مسؤولون أميركيون أن واشنطن فرضت عقوبات على 14 مصرفاً عراقياً بمنعها من إجراء معاملات بالدولار، في إطار حملة شاملة لمكافحة تسريب العملة الأميركية إلى إيران، معتبرين أن مصارف وشركات صرافة تمكنت من تحقيق أرباح ضخمة من تعاملاتها بالدولار، من خلال استخدام عمليات استيراد "احتيالية".

وشملت العقوبات الأميركية مصارف المستشار والقرطاس والطيف وإيلاف وأربيل، إضافة للبنك الإسلامي الدولي ومصرف عبر العراق والموصل والراجح، وسومر والثقة وأور والطيف والعالم وزين العراق. ووفق مصادر عراقية، فإن هذه المصارف تتبع أحزاباً دينية ومليشيات وفصائل مسلحة موالية لإيران.

المساهمون