قال مسؤول بوزارة الزراعة العراقية أمس الخميس، لوكالة "رويترز"، إن زراعة الأرزّ جرى تقييدها هذا الموسم في وسط البلاد وجنوبها بسبب نقص إمدادات المياه.
وكشف مسؤول حكومي عراقي في العاصمة بغداد لـ"العربي الجديد" عن انتهاء لجنة مشتركة من وزارتي الزراعة والموارد المائية، من وضع الملامح الرئيسة للخطة الزراعية العامة في البلاد للموسم الصيفي، بناءً على معطيات الوضع المائي في العراق وإمدادات نهري دجلة والفرات، والخزين المتوافر في البحيرات والسدود، متوقعاً إعلانها في غضون الأيام المقبلة.
ولا تتناسب التسريبات الحالية حيال وضع البلاد المائي مع تصريحات القادة السياسيين وخبراء الاقتصاد بتقليل الاعتماد على النفط في إيرادات البلاد، وأهمية تفعيل القطاع الزراعي لتقليل الاستيراد وتوفير العملة الصعبة.
لكن المهندس بوزارة الزراعة العراقية، محمد الموسوي، أبلغ "العربي الجديد" بأن اللجنة المشتركة من وزارتي الزراعة والموارد المائية انتهت تقريباً من وضع الخطة الزراعية للموسم الصيفي، وتتضمن تحديداً واسعاً لمساحات زراعة الأرزّ في مناطق ومحافظات جنوب البلاد ووسطها، إلى جانب تحديد حصص كل محافظة من المياه المخصصة للزراعة، مع إقرار خطة إلغاء المئات من أحواض وبحيرات تربية الأسماك بسبب الاستهلاك الكبير للمياه من نهري دجلة والفرات.
ولفت الموسوي إلى أن "الهدف الحالي تأمين مياه الشرب والمتطلبات الحياتية الأخرى، وأن القطاع الزراعي سيستهدف المحاصيل الأقل استهلاكاً أو تطلباً للمياه"، وفقاً للموسوي.
في السياق ذاته، أوردت محطة إذاعة الناصرية بمحافظة ذي قار جنوبيّ العراق، إحدى أبرز مناطق زراعة الأرزّ في البلاد، تصريحاً لمدير دائرة الزراعة الدكتور فاقد عبد الأمير، صباح الخميس، قال فيه إن وزارة الموارد المائية في المحافظة أبلغتهم بإلغاء الخطة الزراعية للموسم الحالي"، دون أن يذكر أي تفاصيل أخرى حول نوع الإلغاء، ما إذا كان عاماً أو مقتصراً على مناطق معينة ومحاصيل محددة. مضيفاً أن الإبلاغ يأتي "بالتزامن مع خطة مقترحة مع وزارة الزراعة باعتماد التقنيات الزراعية الحديثة وهدفها ديمومة مصادر المياه".
بدوره قال المتحدث باسم وزارة الزراعة العراقية، محمد الخزاعي، في حديث مقتضب مع "العربي الجديد"، إن "الموسم الزراعي الصيفي سيكون أقل من الموسم السابق من ناحية المساحة المزروعة، نظراً لوضع البلاد المائي"، دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وتتميز محافظات وسط العراق بزراعة الأرزّ العراقي المعروف محلياً بـ"العنبر"، ويعتبَر من أفضل أنواع الأرزّ لدى العراقيين، ويزرع في تربة طينية دائمة الخصوبة، ما يتطلب توفير كميات كبيرة من المياه لديمومة زراعة هذا المحصول.
وتبقى المشكلة الرئيسية التي تعاني منها الزراعة العراقية تتعلق بالمياه، حيث كشف وزير الموارد المائية في العراق، عون ذياب، عن تراجع خزين البلاد الاستراتيجي من المياه بمقدار 7 مليارات متر مكعب مقارنة بصيف العام الماضي 2022.
وأكد ذياب، في تصريح صحافي، أن تراجع الخزين الاستراتيجي وانخفاض مناسيب المياه يشكل تهديداً كبيراً للزراعة الصيفية في البلاد، وأن الخزين المتاح قد لا يكفي لنهاية العام الجاري.
وأضاف أن الإطلاقات المائية من تركيا لنهر الفرات على الحدود السورية ما زالت محدودة جداً ولا تتناسب مع حاجة البلدين (سورية والعراق)، وأن ما يُطلَق للنهر أقل مما اتُّفق عليه بـخمسين بالمائة.
وبيّن ذياب أن الانخفاض الحاد بكميات الخزين المائي العراقي يشكل تهديداً واضحاً، وينذر بكارثة حقيقية، وبالتالي ستكون الزراعة محددة جداً، وخصوصاً لمحصول الأرزّ في مناطق الفرات الأوسط.
وأوضح أن المساحات المخصصة لزراعة الأرزّ قُلِّصَت من 300 ألف دونم زراعي إلى 3 آلاف فقط، مؤكداً أن هذه المساحة قليلة جداً مقارنة بالأعوام الماضية.
وارتفع أخيراً سعر الأرزّ العراقي في الأسواق، حيث بات سعر الكيلوغرام الواحد منه 5 آلاف دينار، أي 3.5 دولارات، مقارنة بالأشهر الماضية التي كان عند سعر ألفي دينار فقط، أو نحو 1.5 دولار.