العراق: تقنيات أميركية لوقف تهريب الدولار

06 فبراير 2023
الوفد الأميركي طالب العراق بتشديد عمليات التدقيق في المنافذ الرسمية (Getty)
+ الخط -

أكد مصدر مقرب من السفارة الأميركية في بغداد، لـ"العربي الجديد"، أن "ما أعلنته السلطات العراقية من عمليات ضبط أموال لا يشكل سوى نسبة بسيطة لا تتعدى 5% عما يتم تهريبه يومياً وأن موضوع التهريب في العراق لا يتم بطرق (رسمية) بل غالبيته يهرب عبر المنافذ الحدودية الرسمية وأيضا غير الشرعية في محافظات ديالى والسليمانية عبر الحدود مع إيران".

وبين المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن "موضوع تهريب الدولار ووصوله لإيران وجهات أخرى على لائحة العقوبات الأميركية، كان محور النقاش الأساس خلال اجتماع إسطنبول الذي جمع مساعد وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية براين نيلسون، ومحافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق".

وأوضح أن "المسؤول الأميركي أبلغ العلاق بأن هنالك منافذ غير شرعية لا تخضع لسيطرة الدولة تسمح بتهريب الدولار (كاش) إلى إيران، وقدّم له خلال الاجتماع أدلة تؤكد وجود تهريب ممنهج عبر أشخاص تابعين لجهات مرتبطة بأحزاب وجهات عراقية أخرى لها علاقات قوية مع إيران يعبرون بشاحنات للجانب الإيراني، ويعودون بعد أن يفرغوا حمولتهم من الدولار".

وتابع بالقول إن الوفد الأميركي طالب العراق بتشديد عمليات التدقيق في المنافذ الرسمية، وعرض تجهيز العراق بأجهزة متطورة تكشف أية حمولة (أموال) وإن تمت تخبئتها بعناية، وكذلك اشترط السيطرة على المنافذ والمعابر غير الرسمية وأية ثغرات حدودية تسمح بتهريب الدولار.

وأبدى الجانب العراقي انفتاحاً ووعد بتلبية هذه المتطلبات بفترة زمنية سيتم تثبيتها ضمن اتفاق حكومي عراقي – أميركي شامل خلال زيارة الوفد الدبلوماسي والمالي العراقي المرتقبة إلى واشنطن غدا وبعد غد وفق توقيتات زمنية، لتحقيق ليونة ومرونة تشدد بغداد على واشنطن بأنها بحاجة لها حالياً للسيطرة على سعر الصرف في العراق".

هذه المعلومات أكدها المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي مظهر محمد صالح، والذي قال إنّ "المصارف العراقية المسؤولة عن تمويل التجارة الخارجية تظهر انضباطاً متسارعاً في دقة الوثائق المقدمة والامتثال العالي، والتي ستسهم جميعها لا محالة في عودة سعر الصرف إلى الاقتراب من السعر الرسمي واستقرار السوق".

ويضيف صالح في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الأمور تسيير نحو الانفراج تدريجياً لمصلحة الدينار العراقي، إذ إنّ الحزمة الأولى التي أطلقها البنك المركزي العراقي نهاية الأسبوع الماضي ساهمت في تحرير فقرات مهمة من التحويل الخارجي عبر آليات يتولاها النظام المصرفي الدولي العالمي للامتثال والرقابة وقد أسهمت باستقرار سعر الصرف".

وأضاف أنّ "تقدم المفاوضات المرتقبة في واشنطن التي أتوقع نجاحها سيمنح المرونة الكافية للانتقال والاندماج بالنظام المصرفي الدولي، من خلال التكيف السريع للجهاز المصرفي العراقي مع الضوابط الاحترازية وضوابط الامتثال والحوكمة المعمول بها عالميا، والتي تلبي متطلبات الامتثال الدولي وستتجه جميعها لا محالة نحو استقرار سعر الصرف بالتسارع واقتراب أسعار سوق الصرف في السوق الموازية من السعر الرسمي".

ويقول مصدر أمني عراقي رفيع في تصريحات حصرية لـ"العربي الجديد"، إن "الحملة ضد المضاربين والمتلاعبين بسعر الصرف أسفرت حتى الآن عن القبض على عدد من كبار التجار والمتلاعبين وأصحاب شركات صيرفة وضبط مجموع أموال كبيرة".

ويضيف أن "الحملة مستمرة ونتعقب المتورطين عبر شبكة أمنية تضم أجهزة الأمن الوطني والمخابرات العامة والاستخبارات الاتحادية التابعة لوزارة الداخلية". يتابع أنّ "الحملة ضبطت كذلك منافذ تتعمد عدم بيع الدولار لطالبيه لأغراض السفر رغم ضخ أموال كافية لها من قبل البنك المركزي، وضبط وصولات بيع دولار وهمية للمواطنين وقُبض على عدد من المتورطين".

وعن الدول أو الجهات التي يذهب إليها الدولار المهرب، بحسب المصدر، فإنّ "أحد المتورطين اعترف أن الأموال تهرب بوسائل بدائية عبر شاحنات لنقل البضائع إلى إيران وسورية، وفي المقابل فإنّ الأجهزة المختصة في المنافذ كثفت عمليات التفتيش بوسائل فعالة للغاية ومنها مفارز الكلاب البوليسية ما قلل كثيراً من عمليات التهريب".

وبمشاركة جهات أمنية واستخبارية، تتواصل في العاصمة العراقية بغداد ومحافظات مختلفة من البلاد، الحملة الأمنية المكثفة وفقاً لما تصفه السلطات للقبض على مهربي العملة الأجنبية والمضاربين والمتلاعبين.

ويقول الخبير الاقتصادي نبيل التميمي في حديثه لـ"العربي الجديد"، إنّ "التذبذب بأسعار الصرف في العراق حالياً وعدم عودته للسعر الرسمي سببه المضاربات والتلاعب، وننصح باستمرار العمليات الأمنية ضد من يرتكبون هذه الممارسات غير القانونية وردع من يحاولون التحكم باقتصاد البلد".

وأضاف أنّ "الحملات لم تطح الرؤوس الكبيرة حسب اعتقادنا واكتفت بالصغار حتى الآن، لكنها في المقابل أدت لتراجع بسعر الصرف، واستمرارها سيدفع بالمزيد من التراجع بدل الارتفاع المطرد الذي أوصل سعر الصرف إلى 1750 ديناراً مقابل الدولار الأسبوع الماضي".
 

المساهمون