الضرائب البريطانية تدفع بالملايين إلى الفقر وترهق ميزانية الأسر

05 فبراير 2022
متشرد في شارع بيكادلي في لندن (Getty)
+ الخط -

تشير دراسة جديدة إلى أن الأسرة البريطانية المتوسطة ستدفع أكثر من مليون جنيه إسترليني ضرائبَ مدى حياتها. حيث يشرح تحالف "دافعي الضرائب" أن دفع حوالي 1.1 مليون جنيه إسترليني للضرائب يعني الاضطرار إلى العمل مدة 18 عامًا لسدادها.

مع ذلك، تتجاهل الحكومة البريطانية هذه الدراسة وغيرها، حيث تتجه إلى زيادة مساهمات التأمين الوطني بنسبة 1.25 في المائة في إبريل/ نيسان من هذا العام، بهدف دعم قدرتها على "تمويل قطاع الرعاية الصحية والاجتماعية في البلاد، واللحاق بالركب لإعادة خدمات الصحة الوطنية إلى المسار الصحيح بعد جائحة كوفيد 19".

تحدّث مستشار الخزانة ريشي سوناك، يوم الخميس، أمام مجلس العموم البريطاني، عن خطط الحكومة لتخفيف تكلفة المعيشة على المواطنين الفقراء ومتوسطي الدخل منهم، وقال إن جميع عملاء الكهرباء المحليين سيحصلون على مبلغ 200 جنيه إسترليني من فواتير الطاقة الخاصة بهم اعتبارًا من أكتوبر/ تشرين الأول، على أن يعاد دفعها أقساطاً خلال خمس سنوات، كما ستحصل 80 في المائة من الأسر على 150 جنيهًا إسترلينيًا خصماً من ضريبة البلدية اعتبارًا من إبريل.

في المقابل، انتقد نواب من حزب العمال هذه المساعدة المالية التي لا تتعدى 350 جنيها إسترلينياً، وقالوا إنها زهيدة للغاية أمام الارتفاع الكبير في الأسعار، الذي يزيد عن ألفي جنيه إسترليني سنوياً في بعض المناطق.

ويواجه سكان المملكة المتحدة تخفيضات الإنفاق وزيادة الضرائب وارتفاع فواتير الطاقة والتضخم العام وانخفاض الأجور.

فيما كشفت مبادرة تبادل الديون الخيرية أن حوالي 15 مليون شخص في المملكة المتحدة (واحد من كل ثلاثة)، يجدون بالفعل صعوبة في دفع الفواتير، وهو رقم تضاعف منذ بداية الوباء.

وما يثير القلق أنّ هذه الأرقام كانت قبل ارتفاع فواتير الطاقة المقررة في إبريل، وهو ما سيجبر العديد من العائلات على اتخاذ خيارات صعبة للغاية.

إذ أعلن منظم صناعة الطاقة "أوفجيم"، يوم الخميس، عن زيادة سقف فاتورة الطاقة من 1277 جنيهًا إسترلينيًا سنويًا إلى 1971 جنيهًا إسترلينيًا في إبريل. وتعرض المستشار سوناك لانتقادات شديدة من قبل الجمعيات الخيرية لمكافحة الفقر في اسكتلندا، بسبب عدم تحركه بما يكفي لحماية الناس من أسوأ آثار الارتفاع في تكاليف الطاقة.

إذ كانت هناك 3.18 ملايين أسرة في إنكلترا تعاني من فقر الوقود في عام 2019، وفقًا للأرقام الرسمية، وهذا يمثل 13.4 في المائة من جميع الأسر الإنكليزية. ومع ارتفاع فواتير الطاقة المنزلية في إبريل، يتوقع تحالف "فقر الوقود" أن 1.1 مليون أسرة بريطانية أخرى قد تعاني وتنضم إلى لائحة فقراء الوقود.

أما من ناحية التأمين الوطني المنتظرة زيادة كلفته على السكان، فإيراداته تستخدم لسداد ثمن الخدمات الصحية الوطنية وإعانة البطالة وبدلات المرض والعجز ومعاش الدولة. ومساهمات التأمين الوطني هي ضريبة يدفعها الموظفون وأصحاب الأعمال الحرة على أرباحهم، باستثناء أصحاب الدخل المنخفض أو المتقاعدين.

حاليًا، يبدأ دفع المعدلات الرئيسية لمساهمات التأمين الوطني للموظفين والعاملين لحسابهم الخاص على الأرباح التي تزيد عن 9568 جنيهًا إسترلينيًا. لكن اعتبارًا من إبريل، سيرتفع هذا الحد إلى 9880 جنيهًا إسترلينيًا.

ولكن اعتبارًا من إبريل 2023، سيتم استبدال الزيادة في مساهمات التأمين الوطني البالغة 1.25 نقطة مئوية برسوم رعاية صحية واجتماعية جديدة (أي ستعود معدلات اشتراكات التأمين الوطني إلى مستوياتها الحالية). في هذه المرحلة، من المقرر أيضًا تطبيق ضريبة الرعاية الصحية والاجتماعية على أرباح من هم فوق سن التقاعد الحكومي.

اللافت أنّ رفع نسبة المساهمة في التأمين الوطني تؤثر بشكل مختلف على أولئك الذين يتقاضون راتباً كبيراً قدره 100 ألف جنيه إسترليني سنوياً في المملكة المتحدة، حيث يأخذ التأمين الوطني سبعة في المائة فقط من أجورهم، في حين أن أولئك الذين يحصلون على متوسط أجر قدره 30 ألف جنيه إسترليني سيخسرون تسعة في المائة من أجرهم السنوي.

يُظهر البحث الذي أجرته أداة حاسبة ضريبة الدخل في المملكة المتحدة أنّ العمال الذين يتقاضون 50 ألف جنيه إسترليني سنويًا سيتأثرون بشكل أكبر بمدفوعات التأمين الوطني المرتفعة، وستخصص نسبة 10 في المائة من أرباحهم للتأمين الوطني في عام 2022، وهي أعلى نسبة يدفعها أي عامل. في المقابل، سيساهم الأشخاص الذين يتقاضون 80 ألف جنيه إسترليني سنويًا بنسبة 8 في المائة فقط من رواتبهم.

وبالتالي، أصحاب الدخل المنخفض والمتوسط سيخسرون نسبة أكبر من رواتبهم بسبب زيادة التأمين الوطني، مقارنة بأولئك الذين يتربعون على قمّة الرواتب.

في المقابل، تُظهر بيانات استطلاعات الرأي الجديدة، الصادرة عن مؤسسة الصحة وإيبسوس، أن 12 في المائة من سكان المملكة المتحدة يوافقون على أن حكومتهم تمتلك السياسات الصحيحة لخدمات الصحة الوطنية، بينما يعارض ذلك أكثر من النصف (62 في المائة).

لا بل يعتقد 57 في المائة أن المستوى العام للرعاية التي تقدمها الخدمات الصحية الوطنية قد ازداد سوءًا في الأشهر الـ12 الماضية، بينما يعتقد 69 في المائة أن مستوى خدمات الرعاية الاجتماعية قد "تدهور".

المساهمون