يتسبب مزيج من الأعمال الإدارية والرسوم والضرائب في مرحلة ما بعد بريكست في عرقلة العلاقات التجارية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي التي استغرق بناؤها سنوات، ما يزيد من التكلفة التي تتكبدها الشركات الصغيرة وهو أمر من شأنه أن يجعل التجارة بين ضفتي قناة المانش غير مربحة.
والتغيرات التي أعقبت خروج المملكة المتحدة من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي للتكتل في الأول من يناير/ كانون الثاني جعلت "من المستحيل من الناحية التجارية والعملية لنا أن نواصل الشحن إلى الاتحاد الأوروبي"، بحسب سايمون سبوريل وهو صاحب مصنع للأجبان.
ويتعين على سبوريل، أن يرفق كل شحنة موجهة للاتحاد بشهادة صحة غذائية موقعة من طبيب بيطري.
وبغض النظر عن حجم العبوة المرسلة، أكانت تتضمن قطعة واحدة أو صندوقا بأكمله، فإن كلفة الشهادة لا تتغير وهو 180 جنيها استرلينيا (247 دولارا).
ويعد هذا سعراً باهظاً بالنسبة للمصنع الذي كان في السابق يعتمد على زبائن من الاتحاد الأوروبي في نحو خمس مبيعاته الإلكترونية.
وقال سبوريل: "قد يتعين علينا التخلي عن سوق الاتحاد الأوروبي كليا إلى أن يعود الطرفان إلى رشدهما". ويفكر سبوريل الآن في بيع منتجاته في أميركا الشمالية لسد الثغرة.
ولا تشكل الشهادة الغذائية التي تنطبق أيضا على منتجات اللحوم والأسماك، النتيجة المالية المريرة الوحيدة لبريكست، على الرغم من أن بريطانيا توصلت إلى اتفاق للتبادل الحر لا يتضمن فرض رسوم، مع الاتحاد الأوروبي.
ويضطر الزبائن البريطانيون الذين يشترون سلعا من الاتحاد الأوروبي يفوق سعرها 135 جنيها إسترلينيا (185 دولارا) في بعض الحالات إلى دفع ضريبة القيمة المضافة (في إيه تي) البالغة نحو 20%.
وربما عليهم أيضا دفع رسوم جمركية وتكاليف شحن أعلى.
والنتيجة هي أن بعض الشركات الموجودة مقراتها في الاتحاد الأوروبي، وبالأخص الصغيرة منها، قررت وقف بيع منتجاتها إلى مشترين في بريطانيا.
واقع بريكست
وقال غاري رايكروفت الشريك في مؤسسة المحاماة جوزف إيه جونز وشركاه في لانكستر بشمال إنكلترا إن ذلك "ليس رسوما بالتأكيد لكن مع ذلك ستكون له تداعيات على زبائن في المملكة المتحدة ويجعل السلع من الاتحاد الأوروبي أغلى ثمنا".
ويضيف: "وبهذا المعنى فإنها سياسة حمائية لأنها تخلق عائقا أمام التجارة"، مضيفا أن "هذا هو واقع بريكست".
وبالنسبة للشركات تضاف إلى ذلك مسألة "قواعد المنشأ" ما يزيد من التكلفة المترتبة على السلع المصدرة من المملكة المتحدة والتي تم تصنيعها من مواد مستوردة.
وبحسب رئيس اتحاد الشركات الصغيرة في بريطانيا مايك تشيري فإن "عددا متزايدا من صغار المصدّرين يتصلون بنا بسبب ما يعانونه من ارتفاع تكاليف الشحن وتصاريح الجمارك والرسوم وضريبة القيمة المضافة".
وعلقت قرابة 20% من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي بسبب القواعد الجديدة، حسبما كشفت دراسة حديثة أجرتها مؤسسة يو إتش واي هاكر يونغ للمحاسبة.
وقالت خبيرة ضريبة القيمة المضافة في المؤسسة ميشيل ديل: "ما رأيناه ... زبائن في الاتحاد الأوروبي بأمس الحاجة للحصول على السلع التي يحتاجون لها من المملكة المتحدة"، مضيفة، أنه "لا يزال هناك أيضا العديد من الشحنات التي لم تغادر الاتحاد الأوروبي". ولكنها عبرت عن التفاؤل حيال المستقبل، مؤكدة أنه "عندما يعتاد الناس على المعلومات المطلوبة وتصبح شركات الشحن أكثر دراية بتصاريح التصدير والاستيراد، تتحسن الأمور مجددا".
(فرانس برس)