تكبح السيطرة الرسمية على تداول الذهب في تونس مخاطر المضاربة بالمعدن الأصفر الذي يتحوّل إلى واحد من أهم ملاذات الاستثمار الآمن في زمن الأزمات التي يتدافع عليها المدخرون لاكتناز أكبر قدر ممكن من الكميات.
ورغم استمرار الأزمة الاقتصادية في تونس وتنامي مخاطر انهيار الدينار نتيجة ضغوط الديون الخارجية، لا تزال سوق الذهب تعاني من الركود، حيث فقد المعدن الأصفر جاذبيته.
وتعد سيطرة البنك المركزي التونسي على تداول الذهب من أهم أسباب كبح المضاربة في القطاع، حيث تتم عملية توريد الذهب الخالص أساسا من قبل المركزي التونسي وفقا لأحكام القانون 17 المتعلق بالمعادن النفيسة، كما يتولى المركزي تزويد السوق بحصص محددة تسند للصناعيين وفق معايير مضبوطة، وهو ما يحد من مخاطر المضاربة.
ويؤكد الخبير المالي خالد النوري لـ"العربي الجديد"، أن سوق الذهب في تونس محكومة بأدوات رقابية صارمة تعود إلى أكثر من 6 عقود، الأمر الذي حدد مساحات التحرك في هذه السوق ومنع وجود شبكات مضاربة.
وأشار المتحدث إلى حصول تحولات كبرى في سوق الذهب بعد ثورة 2011، حيث تسبب الفراغ حينها وتراخي أجهزة الرقابة في دخول كميات كبيرة من الذهب المهرب الذي لا يحمل تأشيرة (الطابع التونسي)، ما أدى إلى استفحال عمليات الغش وفقدان الذهب جاذبيته بسبب المخاوف من خلطه بمعادن أخرى أقل قيمة، ما أدى إلى انسحاب كبار التجار في القطاع من السوق نحو مجالات أخرى.
ويؤكد رئيس غرفة تجار المصوغ حاتم بن يوسف حصول تغييرات كبيرة في علاقة التونسيين بالمعدن الأصفر، مشيرا إلى تلاشي عادات التحوّط والادخار عبر اكتناز الذهب. ويقول بن يوسف في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن معاملات سوق الذهب سجلت تراجعا خلال السنوات العشر الماضية بأكثر من 50 في المائة نتيجة الأزمة الاقتصادية التي مرت بها البلاد.
ويأمل تجار الحلي والمجوهرات الذهبية في المغرب بانتعاش نشاطهم في الصيف الذي يشهد إحياء حفلات الأعراس وعودة المغتربين، وذلك في سياق متسم بركود ناجم عن ارتفاع الأسعار وحرص الأسر على توجيه إنفاقها لتأمين الحاجيات الأساسية والوفاء بديونها.
وتشير جمعية صوت الصاغة في طنجة إلى أن صناع المجوهرات يعتمدون على استيراد المواد الخام، حيث يساهم ذلك في زيادة تكاليف الإنتاج ويؤثر على تنافسيتهم، وتلك التكاليف تتأثر أيضاً بالطاقة وكلفة الأجور.
ويشتكي الصاغة من المنافسة التي يتعرضون لها عبر المجوهرات المستوردة من تركيا وإيطاليا والهند، والتي تتميز بأسعار منخفضة مقارنة بما يوفره الصانع المحلي، الذي يعاني، حسب الصاغة، من انخفاض الطلب المحلي في سياق تراجع القدرة الشرائية للأسر.
تشير جمعية صوت الصاغة في طنجة إلى أن صناع المجوهرات يعتمدون على استيراد المواد الخام
ويرى عبد القادر شاهد، الحرفي في قطاع الحلي التقليدية، أن الذهب يفقد بريقه في السوق المحلية رغم التضخم الذي يفترض أن يدفع الأسر إلى الشراء بكثافة.
ويلاحظ شاهد أن سعر الذهب في السوق المحلية قد يكون مرتفعا مقارنة بالسوق الدولية، حيث يصل الفرق في بعض الأحيان إلى 10 في المائة، كي يبلغ 65 دولاراً للغرام، بعد إضافة النقوش والأحجار الكريمة.
ويؤكد على أن الذهب الذي عدته الأسر المغربية "زينة وخزينة" على مدى سنوات، لم يعد كذلك، بفعل الارتفاعات المتتالية في الأسعار في الأعوام الأخيرة، علما أنه كان في حدود عشرة دولارات للغرام قبل أن يشهد قفزات قوية في الأعوام الأخيرة.