الدولار أكثر سطوة في 2025... وآمال ترامب بمواجهة الصين مهددة

18 ديسمبر 2024
موظفة تعد أوراق الدولار في بنك بمقاطعة جيانغسو شرق الصين، 6 أغسطس 2019 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تراهن وول ستريت على استمرار صعود الدولار، متوقعة وصوله إلى التعادل مع اليورو بحلول عام 2025، رغم رغبة ترامب في عملة أضعف لتعزيز الصادرات.
- يتجاهل مديري صناديق الاستثمار محاولات ترامب لإضعاف الدولار، حيث يرون أن سياساته الاقتصادية قد تعزز الدولار من خلال زيادة التضخم المحلي وجذب الاستثمارات الأجنبية.
- رغم التوقعات المتزايدة لصعود الدولار، هناك مخاوف من تغيرات مفاجئة مثل تسوية الحروب التجارية، مما يعكس حالة من الحذر في الأسواق المالية.

تراهن وول ستريت على أن الدولار سيحقق المزيد من المكاسب بعد مسيرة الصعود الأخيرة، حتى يصل إلى التعادل مع اليورو، في تحدٍ لرغبة الرئيس المنتخب دونالد ترامب في عملة أضعف لزيادة صادرات بلاده وزيادة تنافسيتها أمام الصين وأوروبا تحديداً.

وارتفع الدولار بنسبة 6.1% منذ بداية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وفي طريقه لتحقيق أكبر ارتفاع منذ عام 2015 بنهاية العام الجاري. ويتوقع أكثر من نصف البنوك الكبرى في وول ستريت، التي استطلعت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية آراءها، بما في ذلك "غولدمان ساكس" و"مورغان ستانلي" و"يو بي إس"، أن يرتفع الدولار أكثر العام المقبل. كما يتوقع "دويتشه بنك" الألماني أن تصل العملة الأميركية إلى التعادل مع العملة الأوروبية الموحدة اليورو في 2025، بعدما تعززت بالفعل من 1.11 دولار لليورو في بداية أكتوبر/ تشرين الأول إلى أقل من 1.05 دولار لليورو حالياً.

ونتيجة لهذا، يتجاهل العديد من مديري صناديق الاستثمار فرص ترامب في إضعاف العملة الأميركية من أجل مساعدة الصناعة المحلية، أياً كانت خطاباته. وقالت سونال ديساي، مديرة الاستثمار في شركة "فرانكلين تمبلتون" لإدارة الاستثمار، إن فكرة إضعاف العملة في عهد ترامب "هي مجرد حلم بعيد المنال... يبدو الأمر وكأن هناك مجموعة من العوامل المتناقضة". وأضافت: "معظم السياسات التي يتحدث عنها حتى الآن، ستكون في الواقع إيجابية للدولار لا سلبية له".

ولطالما اعتقد ترامب أن الدولار القوي يفرض ضغوطاً غير مبررة على الاقتصاد الأميركي، مما يؤدي إلى تكهنات حول ما إذا كانت الإدارة القادمة ستتحرك لمحاولة دفعه إلى الانخفاض. وقال ترامب لمجلة "بلومبيرغ بيزنس ويك" في يوليو/تموز الماضي: "لدينا مشكلة عملة كبيرة"، مشيراً إلى قوة الدولار مقابل الين الياباني واليوان الصيني. وأضاف: "هذا عبء هائل على شركاتنا التي تحاول بيع الجرارات وغيرها من الأشياء إلى أماكن أخرى خارج هذا البلد".

كان ميل ترامب إلى الدولار الأضعف واضحاً بشكل كامل في ولايته الأولى رئيساً، عندما انتقد ما اعتبرها ممارسات العملة غير العادلة في البلدان الأخرى، حتى أن إدارته وصفت الصين رسمياً بأنها "متلاعبة بالعملة" وسط حرب تجارية بين البلدين.

ومع ذلك، من المتوقع على نطاق واسع أن تؤدي أجندته المؤيدة للنمو وتخفيضات الضرائب المقترحة، إلى جانب خططه لفرض تعريفات جمركية عالية على الواردات من دول بما في ذلك المكسيك وكندا والصين، إلى تأجيج التضخم المحلي بعد توليه منصبه في يناير/كانون الثاني المقبل. وقد يؤدي هذا إلى إبقاء بنك الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة أعلى لفترة أطول، مما قد يجذب بدوره المزيد من رأس المال الأجنبي إلى أصول الدولار.

ويواصل ترامب رفع خطابه المتشدد بشأن التجارة، حيث دفع أخيراً البيزو المكسيكي والدولار الكندي إلى الانخفاض بعدما تعهد بفرض تعريفات بنسبة 25% على السلع المكسيكية والكندية بسبب قضايا الهجرة والمخدرات على الحدود. كما انتقد مجموعة "بريكس" هذا الشهر لتحديها مكانة الدولار كعملة احتياطية عالمية. كذلك هبط اليورو إلى أدنى مستوياته. بينما قد تخفض الصين قيمة عملتها إلى 7.5 يوان للدولار العام المقبل، وهو مستوى لم يُسجل منذ عام 2007، في خطوة لتعزيز تنافسية صادراتها وزيادتها لمواجهة الحرب التجارية التي يعتزم ترامب شنها.

وقال أجاي راجادياكشا، رئيس قسم الأبحاث العالمية في بنك باركليز إن "سياسات ترامب إيجابية للدولار بالتأكيد"، على عكس ما يصبو إليه. ويتوقع البنك أن يرتفع الدولار قليلاً إلى 1.04 دولار مقابل اليورو بحلول نهاية العام المقبل 2025. ويقول المحللون والمستثمرون إن هذا يمثل معضلة للإدارة القادمة. فأي حلول ممكنة مثل كبح جماح عجز الموازنة أو ضغط الولايات المتحدة على شركائها التجاريين لحملهم على هندسة خفض قيمة الدولار أمام عملاتهم، سوف تكون بالغة الصعوبة وقد تخاطر بتشويه مكانة الدولار عملة احتياط عالمية.

كانت الولايات المتحدة قد وقعت ما تسمى بـ"اتفاقية بلازا" عام 1985 مع اليابان وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، لتقليل قيمة الدولار أمام عملات هذه الدول من خلال التدخل في أسواق صرف العملات. ونجحت الاتفاقية في خفض العجز التجاري الأميركي، بعدما أصبحت السلع الأميركية أكثر رواجاً في أوروبا. وجاءت الاتفاقية بعد ارتفاع قيمة الدولار بنحو 50% أمام باقي العملات، مما انعكس سلبا على المصدرين الأميركيين، الذين وجدوا صعوبة في بيع منتجاتهم مع ارتفاع قيمة الدولار. لكن العديد من المحللين يشككون في إمكانية أن تنجح الولايات المتحدة في فرض أمر مماثل في مثل هذه الظروف.

ورغم التوقعات المتزايدة بشأن مواصلة الدولار الصعود، هناك من يبدي مخاوف من تغيرات مفاجئة، فأي تسوية محتملة للحروب التجارية في ظل إدارة ترامب الثانية قد تخيب آمال المتفائلين بالدولار، وهم الذين راهنوا على أن سياسات الرئيس المنتخب التجارية تدعم العملة الخضراء بشكل طبيعي، وفقاً لاستراتيجيين في "سيتي غروب" بقيادة دانيال توبون.

ولا يزال المتداولون المضاربون في وضع شراء للدولار بحوالي 24 مليار دولار، وهو مستوى قريب من أعلى مستوى مسجل في مايو/أيار الماضي، وفقاً لبيانات جمعتها وكالة بلومبيرغ الأميركية، استناداً إلى بيانات لجنة تداول السلع الآجلة للأسبوع المنتهي في 10 ديسمبر/كانون الأول الجاري. وتُظهر عقود الخيارات ذات المخاطر لأجل عام على مؤشر الدولار من "بلومبيرغ" تداولاً بنحو 1% لمصلحة الشراء هذا الأسبوع، انخفاضاً من ذروة أربعة أشهر قبل شهر، مما يكشف أن المتداولين لا يزالون يتوقعون مكاسب للدولار، لكن التفاؤل انحسر.

المساهمون