يهدّد الجفاف وارتفاع تكلفة الأعلاف بزيادة أسعار الأضاحي مع اقتراب عيد الأضحى في الجزائر، رغم زيادة المعروض بشكل ملحوظ، حسب مربي مواشٍ، لـ"العربي الجديد".
ومثل كل سنة، تتجدد مخاوف الجزائريين من ارتفاع الأسعار بما يراوح بين 15% و25%، مقارنة مع باقي أيام السنة، حسب مربي المواشي، ويأتي ذلك في وقت تتراجع فيه القدرة الشرائية للمواطن الجزائري بفعل انهيار قيمة الدينار، وارتفاع نسبة التضخم التي تجاوزت عتبة 4.5% في شهر يونيو/ حزيران الماضي.
ويتوقع مهنيون في الجزائر أن يصل العرض من الأغنام بمناسبة عيد الاضحى إلى قرابة 21 مليون رأس، في قفزة من المرجّح ألا تدع مجالا لأزمة شح المعروض وما يتبعها من ارتفاع بالأسعار، لكن لا يزال المضاربون يمثلون هاجسا في الأسواق كعامل يضاف إلى شح الموارد المائية وقفز أسعار الأعلاف إلى الضعف.
وذهب رئيس الجمعية الجزائرية لمربي الماشية جيلالي زاوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن العرض سيغطي بشكل مريح الطلب الذي يتراوح بين 6 و8 ملايين رأس غنم خلال عيد الأضحى"، إلا أن الإشكال يكمن في نقص المياه وغلاء الأعلاف، بالإضافة مصاريف أخرى كالنقل ومخلفات كورونا، على المربين هذه السنة، والتي هوت بنشاط تربية الأنعام والماشية.
وأشار جيلالي زاوي إلى أن أسعار الأضاحي تبدأ من 25 ألف دينار جزائري (210 دولارات) للخروف، فيما تراوح أسعار الأضاحي التي تبلغ سنتين بين 35 و45 ألف دينار، مقابل 55 إلى 75 ألف دينار بالنسبة للأضاحي التي تجاوزت ثلاث سنوات.
غير أن هذه الأسعار التي أعلن عنها رئيس الجمعية الجزائرية لمربي المواشي تبقى نظرية ولا أثر لها في الأسواق، وسط توقعات بدخول عاملَي المضاربة والتهريب إلى دول الجوار على الخط، يضاف إلى ذلك ارتفاع أسعار الأعلاف في هذه الفترة.
وهذا ما أكده أحد مربي الماشية يدعى عمار بن مخلوف، لـ "العربي الجديد"، إذ رأى أن "أسعار الأضاحي قفزت إلى مستويات أعلى مقارنة بالأيام السابقة، فقد زاد سعر الخروف المتوسط بنحو 10 ألاف دينار جزائري (90 دولاراً) بالمقارنة مع الأيام القليلة الماضية، فيما ارتفع سعر الخروف السمين إلى مستويات أعلى بأكثر من 20 ألف دينار (180 دولاراً) ."
وقال الموّال (مربي الماشية باللهجة الجزائرية): "المضاربون بالأعلاف بدأوا يفرضون منطقهم منذ الآن، إذ تحكموا في الأعلاف وأصبح الموال يزايد على أخيه في السعر".
ولفت عبد الحكيم خرباش، وهو أحد بائعي الماشية من محافظة البيض، "إلى أن الجفاف والحرائق الأخيرة التي اندلعت بسبب ارتفاع درجات الحرارة تسببت في تلف كميات هائلة من الأعلاف، ما جعل أسعارها ترتفع، وهو ما يفرض برأيه على تجار الماشية زيادة الأسعار لتجنب الخسارة، حيث قفز سعر الشعير من 3500 دينار للقنطار إلى 5000 دينار، ونفس الشيء للعلف اليابس".
وأضاف، لـ"العربي الجديد"، أن مصاريف "الموالين" تضاعفت، فحتى المياه زاد سعرها، فبعد أن كان الخزان بألف دينار، أصبح بـ1500 دينار، يتضاف إلى ذلك مصاريف النقل إلى الأسواق وإيجار المستودعات في الولايات ومصاريف الأكل والمبيت للمربي خلال تنقلاته، كل هذا رفع أسعار الأضاحي .
ولمواجهة ظاهرة المضاربة التي تتجدد مع كل عيد أضحى، فتحت وزارة الفلاحة والصيد البحري الجزائرية، استعداداً لعيد الأضحى، 600 نقطة بيع للمواشي، مقابل 650 السنة الماضية، موزعة عبر محافظات البلاد.
وتهدف هذه العملية إلى تقليص الوساطة التي ميزت عمليات بيع الأضاحي في السنوات الماضية، حسب وزارة الفلاحة التي أعلنت أنها ستتكفل بتوفير مادة الشعير في أثناء مدة البيع، ما سيجنب المربين اقتناءها من السوق السوداء.
من جانبها، ألزمت وزارة التجارة المزارعين، خاصة مربي المواشي، بالتعامل بسندات المعاملات التجارية التي تنوب عن الفواتير في عمليات البيع للعام الثاني على التوالي، وذلك لمحاربة المضاربة في الأسعار وللتعرف على عدد رؤوس الأغنام المتداولة في السوق.
غير أن بعض الجزائريين يفضلون شراء الأضاحي من الأسواق الأسبوعية في المحافظات الداخلية والبوادي، وتلك التي تقام في المدن بمناسبة العيد، حتى تُتاح لهم المساومة حول الأسعار، كما هو حال المواطن رضوان اليابس، الذي اعتاد كل سنة التنقل إلى محافظة الجلفة (400 كم جنوب العاصمة الجزائرية)، الأولى مغاربيا في تربية الأغنام، لشراء الأضاحي له ولكل العائلة.
وقال موهوب لـ"العربي الجديد": "الأسعار مستقرة في المحافظات الداخلية بالنظر للعرض الكبير، كما يمكنك المساومة وتخفيض سعر الخروف أو الكبش بنحو 7 آلاف دينار، هذا غير ممكن في العاصمة أو في نقاط البيع الحكومية التي تضع أسعارا ثابتة غير قابلة للتفاوض".