يبدو أن الموازنة العامة التي تحدد إيرادات ومصروفات الدولة وكيفية توزيعها تم إعدادها على غرار السيناريو الرديء الذي تم به حبس الرئيس محمد مرسى عقب انقلاب 3 يوليو، وهو ما كشفت عنه الفضيحة المعروفة إعلامياً بتسريب مكتب السيسي، فعندما نجد كبار أعضاء المجلس العسكري وهم يخططون بأسلوب بدائي وغير قانوني لحبس الرئيس المنتخب بإرادة شعبية بالتنسيق مع النائب العام ووزير الداخلية، فلا نستغرب إذن أن يجلس هؤلاء الأعضاء ويعطوا تعليمات لوزير المالية بخصوص توزيع مغانم البلد وإيراداته في موازنة الدولة التي من المفروض أن تخضع لاعتبارات اقتصادية ومالية واجتماعية بحتة عند توزيعها.
وعلى غرار الطبخة الركيكة لسجن الرئيس محمد مرسي وبناء سور حول مقر حجزه ووضع يافطة عليها كلمة (سجن عمومي)، يبدو أنه جري توزيع مغانم وإيرادات الدولة في الموازنة العامة للدولة، فمخصصات الجيش تم رفعها من 38 مليار جنيه إلى 49 ملياراً مرة واحدة وبدون مقدمات، 10 مليارات جنيه زيادة في مخصصات الجيش، ما المشكلة؟ نحن نحارب الارهاب في كل ربوع مصر.
هكذا نتخيل ما يقوله عضو بالمجلس العسكري عندما يهم مسؤول بوزارة المالية محاولاً الاستفسار عن سر هذه القفزة في مخصصات المؤسسة العسكرية، في الوقت الذي ترفع فيه الدولة شعار ترشيد النفقات الحكومية وخفض عجز الموازنة العامة والدين العام المحلي.
نخفض دعم الوقود من بنزين وسولار ومازوت وغاز، وهي المشتقات التي تهم ملايين المصريين وفقرائهم، 42 مليار جنيه، لا يهم.. ما المشكلة؟ هكذا يرد عضو بالمجلس العسكري على وزير المالية، نحن نريد أن يشاركنا الشعب ترشيد النفقات.
نخصص كام مليار كمصروفات للأمن وشراء قنابل ومدرعات وأسلحة ورصاص حي وسيارات لقيادات الشرطة، وعدة مليارات أخرى لزيادة مرتبات أفراد القوات المسلحة ومثلهم للقضاة، آه، نسينا أفراد الشرطة وحوافزهم ومكافآت ملاحقة المتظاهرين في الشوارع وبدل المخاطر والسهر والتعب النفسي والارهاق البدني الذي يعاني منه هؤلاء، نعطيهم كام مليار جنيه زيادة.
طيب، ورغيف الخبر والسلع التموينية والإسكان الاجتماعي والمرأة المعيلة والأدوية يا أفندم، ماذا نخصص لها، هذه أمور حساسة، هكذا يقول وزير المالية مرتعداً خائفاً من أن يكون السؤال محرجاً أو يسبب غضباً لعضو المجلس العسكري الموقر.
يرد العضو بتكشيرة تعلو وجهه: ما هذه الكلمات الصعبة والمعقدة؟ ويضيف آخر من الأعضاء الذين يتولون إدارة شؤون البلاد والعباد قائلاً "سيبك من هذه المسميات المجعلصة وشعارات اليساريين والأخوانجية، لنخفض دعم الوقود شوية، همّ المصريين مش مقدّرين المجهود الضخم الذى نقوم به من أجل استقرار البلد وحمايتهم من الإرهاب والاخوان.
آه، عندنا 41 مليار جنيه لم يتم توزيعها بعد من إيرادات الدولة من الضرائب والجمارك، ضعوها تحت بند مصروفات أخرى، هكذا يقترح أحد صناع القرار والنافذين بالدولة.