استمع إلى الملخص
- توقيع اتفاقيات تجارية واستثمارية: الزيارة تسعى لتفعيل اتفاقيات تعزز الاستثمارات القطرية في بريطانيا، مثل متاجر "هارودز" وحصص في مطار هيثرو، مما يعكس سياسة الدوحة في تنويع العلاقات.
- آفاق التعاون المستقبلي: الزيارة فرصة لتعزيز التعاون في النمو الاقتصادي والأمن الإقليمي، وتدعم رؤية قطر 2030 لجذب الشركات الكبرى، مما يعزز الاستقرار الإقليمي والعالمي.
يُعتبر الاقتصاد أحد العناوين البارزة في زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، التي بدأها إلى بريطانيا، أمس الاثنين، تلبية لدعوة من الملك تشارلز الثالث. واعتبر رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، الزيارة "فرصة لتسريع وتيرة التقدم في أولوياتنا المشتركة من النمو الاقتصادي الذي يخلق فرصاً لبلدينا، إضافة إلى الأمن الإقليمي الذي يدعم الاستقرار العالمي".
وقال ستارمر، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء القطرية "قنا": "إنّ العلاقات بين البلدين عادت بفوائد كبيرة على كل من المملكة المتحدة وقطر ونتطلع للمزيد في المستقبل، وأنه ما زال هناك الكثير لتوثيق العلاقات بين البلدين بشكل أكبر من خلال إقامة علاقات ثقافية أعمق، وزيادة الاستثمارات المتبادلة، ومواصلة التعاون الوثيق في مجالي الأمن والدفاع".
وبحسب رئيس رابطة رجال الأعمال القطريين، الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني، فإنّ زيارة أمير قطر إلى بريطانيا "تأتي في إطار التزام قيادتي البلدين بتعزيز الشراكة التاريخية بين الدولتين على المستوى الاستراتيجي، خاصة بعد إطلاق الحوار الاستراتيجي السنوي بين الدوحة ولندن".
وأشاد بتنامي العلاقات التجارية الثنائية، مشيراً إلى أنّ "كلا البلدين يرتبطان بعلاقات تجارية واستثمارية مهمة، إذ بلغ حجم الاستثمارات القطرية في الاقتصاد البريطاني 40 مليار جنيه إسترليني"، لافتاً إلى أنّ المملكة المتحدة هي شريك تجاري مهم لبلاده. وتعد قطر ثالث أكبر سوق للصادرات البريطانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويزيد عدد الشركات البريطانية العاملة فيها على 79 شركة تعمل في مجال النفط والغاز والبنية التحتية وتكنولوجيا المعلومات، وذلك بإجمالي رأس مال يزيد على ثمانية مليارات ريال (2.1 مليار دولار). بينما بلغ عدد الشركات القطرية - البريطانية العاملة في قطر برأس مال مشترك أكثر من 650 شركة في مجالات الاستشارات الهندسية والمقاولات وتكنولوجيا المعلومات والتجارة والخدمات.
أهمية زيارة أمير قطر
وتعد قطر من أهم المستثمرين في المملكة المتحدة، سواء على مستوى الحكومة أو القطاع الخاص. وتتركز هذه الاستثمارات في قطاعات الطاقة، والبنية التحتية، والقطاع العقاري والسياحي، وغيرها. كما أن قطر أحد الشركاء الرئيسيين لبريطانيا في مجال الطاقة؛ إذ تزود بريطانيا بنحو 30% من حاجتها من الغاز الطبيعي.
وأكد آل ثاني لـ"قنا" أنه سيتم خلال الزيارة بحث المزيد من الفرص الاستثمارية المشتركة في البلدين، خاصة أن رؤية قطر 2030 تعمل على جذب مزيد من الشركات الكبرى نحو قطر في إطار استراتيجية الدولة للسنوات الخمس القادمة.
وتتضمن المحفظة الاستثمارية لدولة قطر في المملكة المتحدة تنوعاً كبيراً في القطاعات، إذ تشمل الاستثمار في الطاقة وفي مجال البنوك والخدمات المالية والاستثمار العقاري، بالإضافة إلى قطاع الطيران. كما ينتظر أن تتعزز قيمتها خلال السنوات القليلة المقبلة في ظل تنوع حضور القطاعين العام والخاص القطريين في منظومة الاستثمار البريطانية.
وفي السياق، اعتبر رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر، الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني، أن الزيارة ستسهم بتعزيز علاقات التعاون بين البلدين في مجالات عديدة، خاصة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، مؤكداً أن اهتمام قطر نحو تطوير علاقات التعاون المشترك مع بريطانيا سيُثمر عن نتائج إيجابية تخدم مصالح البلدين وتعزز أطر التعاون في مختلف القطاعات الحيوية.
وأكد أن قطر وبريطانيا تربطهما علاقات تجارية متطورة، مشيراً إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين قد تجاوز عشرة مليارات ريال في عام 2023، من بينها 6.1 مليارات ريال صادرات قطرية إلى المملكة المتحدة، إذ يميل الميزان التجاري لصالح قطر بنحو 2.2 مليار ريال.
توقيع اتفاقيات تجارية
ويقول الأستاذ بكلية الاقتصاد في جامعة قطر، جلال قناص، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ بريطانيا، وبعد خروجها من الاتحاد الأوروبي في يناير/كانون الثاني 2020، تبحث عن شراكة تجارية عالمية في إقليم الخليج، خصوصاً مع قطر التي تربطها بها علاقة قديمة استراتيجية اقتصادية وتجارية وسياسية، مؤكداً أنّ الزيارة تدفع بالعلاقات الاقتصادية إلى آفاق أوسع، سيما من ناحية تدفق جديد للاستثمارات القطرية في بريطانيا، مشيراً إلى أن هذه الاستثمارات متركزة في العديد من القطاعات، من أهمها مطار هيثرو والعديد من العقارات الاستراتيجية، بالإضافة إلى إنشاء أكبر مجمع صحي للبحث الحيوي في العالم.
ويشير الخبير في الاقتصاد الدولي، رائد المصري، لـ"العربي الجديد"، إلى أن الزيارة ستشهد توقيع وتفعيل اتفاقيات تجارية واستثمارية ثنائية، لافتاً إلى أن السياسة الاقتصادية للدوحة تقوم على مروحة واسعة من العلاقات التبادلية من الاستثمارات التجارية، شكلت، خلال السنوات الأخيرة، ارتياحاً كبيراً على المستويين الإقليمي والدولي، خاصة مع الاتحاد الأوروبي، لما تمتلكه قطر من مقومات اقتصادية كبيرة مالياً وطاقوياً، لافتاً إلى دورها في عمليات توريد الغاز المسال إبان اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، وما سببه ذلك من إرباك وصل إلى حد أزمة طاقة في الدول الأوروبية. وخلص المصري إلى أن الزيارة تشكل الحافز الأكبر والمنشط للاستثمارات الكبرى التي تمتلكها قطر في المملكة المتحدة.
وتبين التقارير الدولية المتابعة لشأن الاستثمار القطري في بريطانيا امتلاك الدولة الخليجية عدداً كبيراً من العقارات التجارية في قلب العاصمة لندن عبر مجموعة "كناري وارف"، كما تملك 95% من برج "شارد"، أطول ناطحة سحاب في أوروبا. وتشمل الاستثمارات القطرية في لندن القطاع التجاري من خلال متجر "هارودز" الشهير، والقرية الأولمبية، بالإضافة إلى حصص متفاوتة في عدد من الفنادق، مثل "سافوي"، و"إنتركونتننتال"، و"كلاريدجز".
كما تملك قطر حصصاً استراتيجية في عدد من أهم الشركات والأصول البريطانية، مثل حصة 20% في مطار هيثرو بلندن، و22% من شركة سينسبري لمتاجر التجزئة، وتساهم بـ20% في مجموعة "آي إي جي" المالكة للخطوط الجوية البريطانية، و6% من أسهم بنك باركليز، وحصة في شركة "رويال داتش شل" للطاقة، و9% من شركة "غلينكور" البريطانية السويسرية للتعدين وتجارة السلع الأولية.
وتعد محطة ساوث هوك للغاز الاستثمار الاستراتيجي الأضخم بين قطر وبريطانيا في مجال الغاز الطبيعي المسال، وقد أُنشئت عام 2009 بالشراكة بين "قطر للطاقة" بنسبة 70% وشركة إكسون موبيل الأميركية بنسبة 30%.