الأردن: الطرود البريدية تثير أزمة بين التجار و"حماية المستهلك"

03 يناير 2022
الطرود البريدية أثرت كثيراً على حركة التسوق داخل الأردن (فرانس برس)
+ الخط -

أثارت الطرود البريدية أزمة بين التجار والمدافعين عن حقوق المستهلك في الأردن، إذ يضغط القطاع التجاري على الحكومة من أجل فرض رسوم جمركية على البضائع الموردة من خلال هذه الطرود، الأمر الذي ترفضه جمعية حماية المستهلك، مؤكدة أن تلك المطالب ستلحق الأذى بالمواطنين وتؤثر على مستويات معيشتهم كون الطرود البريدية المعفاة أو الخاضعة لرسوم جمركية بنسبة مخفضة تحمل أمتعة شخصية.

ويرى ممثلو قطاع تجار الألبسة والأحذية في غرفة تجارة الأردن بشكل خاص، أن الطرود البريدية أثرت كثيراً على حركة التسوق داخل البلاد، بسبب ارتفاع حجم التجارة الإلكترونية وتزايد معدلات الطرود خلال العام الحالي، لتتحول من جانب البعض إلى تجارة، على حد قولهم، وليس للتبضع الشخصي.

وبحسب دراسة أجرتها نقابة تجار الألبسة والأحذية والأقمشة، ارتفع عدد الطرود البريدية التي دخلت الأردن من مطار الملكة علياء الدولي، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي 2021، بنسبة 88% على أساس سنوي، لتصل لنحو 693 ألف طرد، مقابل 369 ألف طرد للفترة نفسها من العام 2020، وبقيمة مقدرة بحوالي 240 مليون دينار (336 مليون دولار) مقابل 167 مليون دينار للفترة نفسها من 2020، بزيادة بلغت نسبتها 44%.

وأقرت وكيل وزارة الصناعة والتجارة والتموين، دانا الزعبي، بأن هناك بالفعل ارتفاعا في حجم التجارة الإلكترونية خلال العام الحالي وتزايدا في الواردات بواسطة الطرود البريدية، مشيرة إلى أن العمل يجري بالتنسيق مع وزارة المالية لضبط العملية وتوجيه الطرود لمستحقيها من المواطنين من باب تخفيف الأعباء المالية عنهم.

وفي مارس/آذار الماضي، قامت الحكومة بتخفيض وتوحيد الرسوم الجمركية على الطرود البريدية، ورفع سقف قيمة الطرود الخاضعة للتخفيض بمقدار الضعف، إضافة إلى إجراءات تبسيطية أخرى في مجال التجارة الإلكترونية، بهدف التسهيل على المواطنين وتشجيع قطاع اللوجستيات وشريحة الرياديين في مجال التجارة الإلكترونية وتسريع عملية التخليص الجمركي.

كما تم تخفيض الرسوم الجمركية على الطرود البريدية المعدة للاستخدام الشخصي، والتي لا تزيد قيمتها على 200 دينار (280 دولارا) لتصبح رسماً موحداً بنسبة 10% من القيمة وبحد أدنى 5 دنانير.

وفي ضوء زيادة الطرود البريدية، قالت نقابة تجارة الألبسة والأحذية إن "عموم تجارة وأعمال القطاع باتت في خطر حقيقي، ولم تعد تحتمل المزيد من الخسائر في ظل تغول الطرود البريدية القادمة من الخارج على مجمل حركة النشاط التجاري".

وبحسب النقابة، يدفع الطرد البريدي الذي قيمته 50 ديناراً 23 ديناراً كرسوم جمركية، إذا كان المستورد تاجر ألبسة على سبيل المثال، فيما يدفع 5 دنانير إذا كان الطرد يعود للمستهلك مباشرة، لافتة إلى أن واردات الأردن من الألبسة والأحذية تسدد رسوماً جمركية وضرائب بطريقة مباشرة تصل إلى 47.2% و57% على التوالي.

وقال ممثل قطاع الألبسة في غرفة تجارة الأردن، أسعد القواسمي، لـ"العربي الجديد"، إن مجال تجارة الملابس والأحذية وصل إلى مرحلة حرجة ويعاني من تراجع مبيعاته بشكل كبير بسبب ارتفاع الطرود البريدية، التي تحولت إلى تجارة، حيث تدخل إلى السوق بمنافسة عالية مع البضائع المثيلة الأخرى التي تخضع لرسوم مرتفعة، فيما الطرود تدفع رسوما شبه رمزية.

وأضاف القواسمي، أن الحكومة ما زالت تتجاهل مطالب القطاع لمعالجة المشكلات التي يعاني منها وإنقاذه، لأن في ذلك خدمة للاقتصاد الوطني الذي يخسر أحد موارده المالية الأساسية.

وأشار إلى أنه من خلال تقديرات نقابة تجارة الألبسة، يبلغ عدد الطرود البريدية التي تدخل السوق المحلية يومياً وغالبيتها ألبسة وأحذية يصل إلى ما يقارب 5 آلاف طرد يجري تخليصها من خلال مركز تخليص المطار، ما يؤكد عمق القضية التي يواجهها القطاع.

وأكدت النقابة أن قطاع الألبسة والأحذية والأقمشة يعد أكبر قطاعات التجزئة في الأردن تشغيلا للأيدي العاملة الأردنية والأكثر إشغالا للعقارات والمحال التجارية، مشددة على ضرورة وقف إعفاء الطرود البريدية لحين تحقيق توازن في الرسوم والضرائب والإجراءات.

ولوحت باللجوء إلى بعض الإجراءات التصعيدية بما يكفل حلا جذريا لهذه القضية، والتي تمس عمل التجار التقليديين.

ويشغل قطاع الألبسة والأحذية والأقمشة، الذي يضم ما يقارب 11 ألف منشأة، 63 ألف عامل وعاملة، فيما هناك 180 علامة تجارية من الألبسة والأحذية تعمل وتستثمر في السوق المحلية.

في المقابل، يعارض المدافعون عن حقوق المستهلك فرض أي إجراءات من شأنها الحد من قدرة الأشخاص على التبضع إلكترونيا والحصول على السلع عبر الطرود البريدية.

وقال رئيس جمعية حماية المستهلك محمد عبيدات لـ"العربي الجديد" إن الطرود البريدية ساهمت في تخفيف الأعباء عن المواطنين من خلال انخفاض أسعار بعض أصناف الألبسة والأحذية محليا، وأن أي إجراءات قد تقدم عليها الحكومة بناء على مطالب القطاع التجاري يجب ألا تتضمن زيادة للرسوم والضرائب.

وأضاف عبيدات أنه "على القطاع التجاري تخفيض أسعاره هذه الفترة للمساهمة في تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين، وليس المطالبة بزيادة الرسوم عليهم"، محذرا من ارتفاع الأسعار في حال زيادة الرسوم على الطرود البريدية الشخصية.

المساهمون