على وقع المخاوف الشعبية من احتمال رفع الضرائب وإلغاء الدعم عن خدمات أساسية، خاصة الكهرباء والمياه، اقترب الأردن من إبرام اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي للسنوات المقبلة، يتزامن مع تنفيذ الحكومة مسارات إصلاحية شاملة في المجالات الاقتصادية والإدارية والسياسية.
ورغم تأكيدات الحكومة غير مرة أن البرنامج المقبل مع صندوق النقد لن يأتي بأي ارتفاعات في الضرائب أو فرض أخرى جديدة، إلا أن الذاكرة الشعبية الأردنية ما زالت تخزن سلسلة قرارات صعبة اتخذتها الحكومات السابقة، أدت إلى تراجع مستويات المعيشة وتآكل الدخول وزيادة الفقر، منها إزالة الدعم عن المشتقات النفطية عام 2012، والخبز عام 2017.
كما لم تخف حكومات سابقة أن صندوق النقد الدولي ما زال يضغط على الحكومة لرفع الدعم بالكامل عن الكهرباء والمياه، وذلك لتخفيض عجز الموازنة.
وقال مقرر اللجنة المالية في مجلس النواب النائب ضرار الحراسيس، لـ"العربي الجديد"، إن هنالك مخاوف في الأردن من إقدام الحكومة الحالية أو اللاحقة على رفع أسعار بعض السلع ورفع الدعم عن الخدمات بشكل نهائي، مثل المياه والكهرباء، في إطار الالتزامات المطلوبة منها تجاه برنامج الإصلاح الاقتصادي المزمع توقيعه مع صندوق النقد الدولي .
وأضاف أن هنالك مطالبات متكررة من صندوق النقد والبنك الدوليين بإلغاء الدعم الذي تقدمه الحكومة لبعض شرائح مستهلكي الكهرباء والمياه ومجالات أخرى، بهدف تخفيض عجز الموازنة وزيادة العوائد المالية للخزينة. وتابع بأنه يجب الكف عن التفكير برفع الدعم عن الكهرباء والمياه المقدم للشرائح الفقيرة ومتدنية الدخل، وذلك لعدم إحداث تراجع آخر في مستويات المعيشة ورفع نسب الفقر التي بلغت مستويات قياسية.
واعتبر وزير الدولة الأسبق للشؤون الاقتصادية يوسف منصور أن صندوق النقد والبنك الدوليين طلبا من الحكومات الأردنية سابقا تقليص حجم الجهاز الحكومي. ودعا منصور إلى انتهاج سياسة مالية معاكسة للتقلبات الدورية: "فعندما تكون الدورة الاقتصادية في أدنى مستوياتها، يتعين على الحكومة أن تعمل على زيادة الإنفاق الذي يؤدي إلى تشغيل الاقتصاد".
وأكد الخبير الاقتصادي هاشم عقال، لـ"العربي الجديد"، أنه حتى تنجح رؤية التحديث الاقتصادي في الأردن، يجب أن يكون هناك نمو يزيد عن 5 في المائة، في حين أن النمو حالياً حوالى 2.8 في المائة، "وفي ظل هذا الرقم، لن نستطيع استحداث وظائف جديدة واستقطاب مزيد من الاستثمارات إلا بتجاوز التحديات ورفع مستوى النمو، وإن كان الصندوق شريكاً في هذا الإنجاز، فأهلاً وسهلاً بالتعاون معه واستثمار العلاقة لتحقيق مؤشرات إيجابية".
وأَضاف أن الحكومة بلا خيارات، فعجز الموازنة يفرض على الحكومة المزيد من التعاون مع الصندوق للحصول على قروض جديدة. وبين أن الجزء الأهم من المشكلة أن برامج الصندوق في الأردن لا تركز على الصناعة وتمر سريعا على القطاع الزراعي، في حين أنه من دون وجود دعم حقيقي للإنتاج لمعالجة هيكلة الاقتصاد الأردني، لا يمكن الحديث عن نمو حقيقي أو معالجة للعجز في الميزان التجاري، ولا يمكن الحديث عن تخفيض نسبة البطالة.