إيران وتخريب سوق النفط

05 سبتمبر 2016
تقوم طهران ومعها حليفتها العراق بتخريب أي اتفاق محتمل(Getty)
+ الخط -

 

في الوقت الذي كانت فيه السعودية وروسيا تتفقان اليوم على إجراءات مشتركة، تهدف إلى تحقيق استقرار في سوق النفط، ومواجهة التحديات العالمية المتعلقة بانهيار أسعار النفط، وإقامة شراكة استراتيجية في مجال الطاقة، خرجت في نفس التوقيت تصريحات من طهران تحاول إجهاض هذه المحاولات والتقليل من تأثيراتها، وقبلها مباشرة خرجت من بغداد تصريحات متناقضة تزيد الارتباك الحالي في سوق النفط ارتباكا.

وفي الوقت، الذي كان فيه وزيرا النفط السعودي والروسي يبرمان اتفاق تعاون في مجال النفط على هامش قمة مجموعة العشرين، ويؤكدان تعاونهما حتى في مجال كبح وتخفيض إنتاج النفط، خرجت في المقابل تصريحات عن مسؤولين إيرانيين تؤكد عزم طهران مواصلة زيادة إنتاجها النفطي إلى 4 ملايين برميل يوميا خلال شهرين، ثم إلى 4.3 ملايين برميل خلال الربع الأول من العام القادم 2017، ثم إلى 5 ملايين برميل خلال عامين إلى 3 أعوام.

السؤال: هل يوجد رابط بين تحركات الفريقين السعودي الروسي والإيراني العراقي تجاه أسعار النفط، وإذا كان الكثير يتفهم موقف الفريق الأول، خاصة وأنه يسعى نحو دفع أسعار النفط للارتفاع، لكن الكثير لا يتفهم موقف الطرف الثاني خاصة وأن أضرارا مالية كبيرة ستلحق به في حال استمرار الأسعار على ما هي عليه؟

قد لا يرى البعض رابطاً بين التحركين، فروسيا والسعودية تسعيان بكل الطرق لزيادة أسعار النفط في الأسواق العالمية باعتبارهما أكبر منتجين للنفط، ونجاح الاتفاق المبرم اليوم سيزيد إيرادات الدولتين، وسيقلل من المشاكل الاقتصادية التي يعانيان منها منذ منتصف عام 2014 والناجمة بشكل أساسي عن تهاوي أسعار النفط وفقدانها 60% من قيمتها.

أما بالنسبة لطهران فتسعى بكل طاقتها لاستعادة حصتها، التي فقدتها في سوق النفط العالمية خلال فترة العقوبات الغربية التي استمرت 13 عاما.

لكن شخصياً، أجد رابطاً بين التحركين، فاتفاق التعاون الروسي السعودي، الذي تم اليوم، قد يقود إلى ما هو أبعد من ذلك، فقد يتطور التعاون الثنائي إلى اتفاق لخفض الإنتاج أو على الأقل تثبيته وتجميده وبالتالي دفع الأسعار نحو الارتفاع، كما يمكن للبلدين قيادة تحالف دولي لكبار المنتجين للنفط خلال اجتماع الجزائر المقرر يوم 26 سبتمبر الجاري.

وفي حال تبني قرار جماعي من كبار المنتجين سياسة خفض الإنتاج وتثبيته، فإن هذا قد يقود لتعافي أسعار النفط بشكل سريع، وهو ما سينعكس إيجابا على الوضع المالي للسعودية، أكبر منتج للنفط في العالم، وكذا لروسيا التي تنافس المملكة على المركز الأول في الإنتاج.

أما إيران، ورغم استفادتها من تحسن أسعار النفط المحتملة، إلا أن لديها ما هو أهم من ذلك، وهو مناكفة السعودية سياسيا واقتصاديا وماليا ومحاولة التأثير على مواقفها بالمنطقة خاصة في اليمن وسورية.

ولذا فإنه في الوقت الذي تسعي فيه دول كثيرة نحو استعادة أسعار النفط عافيتها، تقوم طهران ومعها حليفتها العراق بتخريب أي اتفاق محتمل باجتماع الجزائر، وذلك عبر تصريحات لكبار المسؤولين بالبلدين تؤكد الاستمرار في زيادة الإنتاج ومعارضة سياسة التثبيت.

طهران وبغداد تمتلكان تأثيرا قويا في سوق النفط العالمية، إذ تنتجان 8.5 ملايين برميل يوميا. وتحتل الدولتان المركزين الثاني والثالث بين أكثر الدول إنتاجا للنفط داخل أوبك، وبإمكانهما إغراق الأسواق بالنفط في إطار الحرب الاقتصادية ضد بعض دول الخليج.


المساهمون