أعلنت منظمة تنمية التجارة الإيرانية، عن التوصل إلى حل مع سريلانكا لتسديد مستحقات إيران من صادرات النفط من خلال آلية المقايضة، في حين دخلت وزارة الطرق والسكن في مفاوضات مع شركات أجنبية لبناء 4 ملايين وحدة سكنية من خلال تسديد مستحقات هذه الشركات بالنفط ومشتقاته.
وقال رئيس منظمة تنمية التجارة الإيرانية، علي رضا بيمان باك، اليوم الأربعاء، لوكالة "إيسنا" الإيرانية، إنه خلال زيارته الأخيرة لسريلانكا اتفق مع سلطاتها على حل للإفراج عن الأرصدة الإيرانية المجمدة فيها من دون الحصول عليها نقدا وفق آلية مقايضتها بسلع سريلانكية منها الشاي.
وأضاف بيمان باك أن "سريلانكا منذ نحو 9 سنوات جمدت نحو 250 مليون دولار من عوائد صادرات نفط إيران ولم تكن هناك إمكانية لتحريرها، لكن خلال مفاوضاتنا الأخيرة توصلنا إلى حل يعتمد على الحصول على هذه الأموال باستيراد سلع إلى إيران منها الشاي".
وأشار المسؤول الإيراني إلى أنه أجرى "مباحثات جيدة" مع المسؤولين السريلانكيين لتطوير العلاقات الاقتصادية، قائلا إن صادرات النفط والمشتقات النفطية كانت تشكل جزءا مهما من التبادل التجاري بين البلدين. ودعا إلى تعزيز الصادرات غير النفطية إلى سريلانكا وقال إنها "تبلغ حاليا أقل من 100 مليون دولار".
وكانت إيران خلال العقود الأخيرة، من ضمن البلدان الـ10 الرئيسة المستوردة للشاي السريلانكي، إذ إنه احتل عام 2016 أكثر من 45 في المائة من سوق الشاي في إيران، لكنه تراجع إلى أكثر من 20 في المائة بعد العقوبات المشددة التي فرضتها الإدارة الأميركية السابقة إثر انسحابها من الاتفاق النووي عام 2018.
تنتج إيران سنويا أكثر من 30 ألف طن من الشاي المجفف للاستهلاك الداخلي، لكنه لا يغطي حاجات سكانها والتي تبلغ سنويا نحو 100 ألف طن، فتضطر أن تستورد الفارق بين الإنتاج والاستهلاك الداخلي.
في ظل استمرار العقوبات الأميركية الشاملة التي تستهدف شرايين الاقتصاد الإيراني من عام 2018، منها القطاع المالي والمصرفي وحظر إجراء أي تحويلات مالية من إيران وإليها، أصبحت ولا سيما في عهد الحكومة الحالية تتجه إلى آلية "مقايضة النفط بالسلع" أو مقايضة الأرصدة الإيرانية المجمدة في الخارج والتي ترفض الدول المجمدة لها الإفراج عنها تحت ضغط العقوبات الأميركية، بالسلع الأساسية.
وفي ظل تراجع حاد في موارد الإيرادات بالنقد الأجنبي بسبب حظر الصادرات النفطية وكذلك صعوبة الحصول على النقد الأجنبي مقابل ما تصدره من النفط ومشتقاته، تلجأ الحكومة الإيرانية إلى خيار المقايضة اضطرارا لتأمين السلع الأساسية للبلاد.
لكن هذا المنفذ أيضا للالتفاف على العقوبات الأميركية، يحمل الاقتصاد الإيراني خسائر على الرغم من فوائده، حيث قال عضو غرفة تجارة طهران، حميد رضا صالحي أخيرا إن بلاده لمقايضة النفط بالسلع تضطر لتقديم امتيازات وكذلك خصومات.
تتجاوز مسألة مقايضة النفط تأمين السلع إلى طرحها لاستقطاب استثمارات وكذلك تمويل المشاريع الإيرانية
وأضاف صالحي في مقابلة مع وكالة "إيلنا" العمالية أنه "من جهة لأن صادراتنا هي النفط الخام ومشتقاته والبتروكيميائيات لذلك فإن الزبائن يطلبون خصومات عليها كما أنهم لا يبدون اهتماما بجودة السلع التي تعرضونها علينا".
إلى ذلك، تتجاوز مسألة مقايضة النفط تأمين السلع إلى طرحها لاستقطاب استثمارات وكذلك تمويل المشاريع الإيرانية.
وكانت الحكومة الإيرانية الحالية قد أقرت يوم 26 سبتمبر/أيلول الماضي ضمن مشروع أكبر بعنوان "الضوابط التنفيذية للسياسات حول العملة الصعبة والتجارة لتنمية الصادرات وإدارة الواردات"، ضوابط لمقايضة النفط والمكثفات الغازية بالسلع وتنفيذ المشاريع، حيث جاء فيها: "يمكن المقايضة بجميع السلع والمواد الخام والخدمات و(تنفيذ) المشاريع التي تحتاج إليها البلاد"، مكفلة وزارة النفط بعقد الصفقات مع الشركات التي ستقوم بالمقايضة لقاء الحصول على النفط.
وفي السياق أيضا، أعلن وزير النفط الإيراني، جواد أوجي، خلال أكتوبر الماضي، عن مقايضة النفط والمكثفات الغازية بالسلع الأساسية أولا، ومقايضة النفط بالاستثمار في المشاريع النفطية كسبيل لتمويل هذه المشاريع، ثانيا.
وأضاف الوزير أن "ثمة حلولا للاستفادة من طاقات الأجهزة لبيع النفط والمكثفات الغازية وكذلك مقايضة النفط بالسلع"، لافتا إلى موضوع مهم آخر، وهو تقديم عروض الاستثمار في القطاع النفطي الإيراني حيث سيحصل المستثمرون على النفط والمكثفات الغازية مقابل الاستثمار، قائلا إن "المستثمرين في مختلف القطاعات النفطية الأكثر أهمية والأقل أهمية، سيحصلون على النفط والمكثفات الغازية لقاء استثماراتهم".
وفي الإطار، أعلنت الحكومة الإيرانية عن مشروع لبناء مليون وحدة سكنية سنويا ليصل إلى 4 ملايين وحدة خلال السنوات الأربع من ولاية الحكومة، لكن في ظل شح الموارد المالية تسعى إلى مقايضة النفط بالمقاولة في هذا القطاع لبناء هذه الوحدات السكنية.
إلى ذلك، أعلن عضو المجلس الأعلى للسكن، أحمد دنيا مالي، هذا الأسبوع، في تصريحات أوردتها وكالات الأنباء الإيرانية عن أن الحكومة دخلت في مفاوضات مع شركات أجنبية لبناء 4 ملايين وحدة سكنية خلال السنوات الأربع المقبلة.
وأضاف دنيا مالي: "طرحنا بشكل جاد خلال هذه المباحثات موضوع المقايضة بالنفط، وأبلغنا هذه الشركات بأن شرط التعاون في المشروع الوطني للسكن هو عدم تسديد المستحقات بالنقد ودفعها بالنفط أو السلع المعدنية".