إقليم كردستان العراق: 4 سدود جديدة بدون علم بغداد

11 ابريل 2022
بناء السدود الأربعة سيتسبّب بآثار سلبية على أنهار العراق (فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت وزارة الزراعة والمياه في حكومة إقليم كردستان العراق عن توقيعها مذكرة تفاهم مع شركة "باور تشاينا" الصينية لبناء 4 سدود جديدة في الإقليم، بدون تنسيق مع الحكومة الاتحادية في بغداد، وفق تقرير نشرته صحيفة "الصباح" الرسمية في العراق.

ونقلت الصحيفة عن الناطق باسم وزارة الموارد المائية العراقية، علي راضي، قوله إن "بناء السدود الأربعة سيتسبّب بآثار سلبية كبيرة على المياه في العراق، خصوصا تغذية الأنهر، وتحديدا نهر دجلة"، مشدّداً على أن "حكومة إقليم كردستان مطالبة بالتراجع عن بناء تلك السدود أو تشييدها وفق خطة بالتنسيق مع وزارة الموارد المائية في بغداد، كونها هي المسؤولة عن إدارة ملف المياه في العراق".

ويعتمد العراق بنسبة 30 بالمئة من حاجته إلى المياه الطبيعية على المياه القادمة إليه من إقليم كردستان، لكن السدود الصناعية التي أنشأها الإقليم خلال السنوات الماضية أدت إلى تراجع حصص المياه في نينوى وصلاح الدين وبغداد، وصولاً إلى مدن جنوب العراق، فيما تسجل مناسيب نهري دجلة والفرات انخفاضاً ملحوظاً، وهو ما يدفع منظمات حقوقية إلى التحذير من آثار كبيرة على القطاع الزراعي واحتمال توقف بعض محطات مياه الشرب في تلك المحافظات.

يعتمد العراق بنسبة 30% من حاجته على المياه القادمة من كردستان، لكن السدود الصناعية التي أنشأها الإقليم أدت إلى تراجع الحصص في نينوى وصلاح الدين وبغداد

وقال النائب العراقي محمد الصيهود إن "الدستور العراقي نص على العودة إلى بغداد في أي قرار اتحادي تتخذه إدارة إقليم كردستان، وإن المياه تعتبر من الملفات الاتحادية التي لابد أن يكون لبغداد الصوت الأعلى بشأنها، وإن صلاحيات إقليم كردستان أو بقية المحافظات تنتهي عند صلاحيات العاصمة بغداد والحكومة الاتحادية".

وأضاف الصيهود، لـ"العربي الجديد"، أن "إنشاء السدود بدون علم بغداد يعني حدوث أضرار كبيرة في المحافظات العراقية، ولا سيما وسط وجنوب البلاد". وأكد أن "ملف المياه بات من الملفات الحساسة جداً في العراق، وأن أزمة حقيقة يستشعرها المواطن، في حين تمارس السلطات أحياناً تماهياً مع التجاوزات، سواءً الداخلية على أيدي متنفذين وجماعات قبلية تدعي أنها تنتمي للعشائر الأصيلة، أو على المستوى الخارجي من خلال تجاوز بعض الدول على الحصص المائية للعراق".

وأشار إلى أن "أي تجاوز على الحصص المائية للمحافظات العراقية من جانب إقليم كردستان قد يؤدي إلى أزمة جديدة بين بغداد وأربيل".

لكن المسؤول في مديرية السدود بإقليم كردستان هافال عمر أشار إلى أن "ما أقدمت عليه حكومة إقليم كردستان ليس اتفاقية أو عقد عمل، بل تم توقيع مذكرة تفاهم بين أربيل وبكين، وهو أمر طبيعي، ويقع ضمن صلاحيات سلطة الإقليم، وبالتالي فإن مذكرة التفاهم لا تترتب عليها أعمال واقعية، كما أنه لن يكون هناك أي عمل خارج خطة المياه التابعة للدولة في بغداد".

وأضاف هافال عمر، لـ"العربي الجديد"، أن "أي توجه نحو بناء سدود أو مشاريع تتعلق بالمياه في الإقليم ستكون بعلم وموافقة الحكومة الاتحادية في بغداد، كون المياه ملفا اتحاديا".

وأكمل عمر أن "هناك دفعا إعلاميا تجاه تقويض صلاحيات الإقليم، وتشويه صورة أربيل أمام المحافظات العراقية، والادعاء بأنها تستولي على المياه العراقية وتحرم بقية المدن من هذه الثروة الطبيعية، مع العلم أن المياه باتت أزمة عالمية، وأن هناك دولا قطعت الروافد المائية التي تصب في العراق، ومنها إيران"، وفقا لقوله.

الناشط وعضو جمعية "حماة دجلة" أحمد المشهداني: "التجاوز على المياه في العراق، عبر إنشاء السدود الصناعية، بات سمة واضحة تخطت حدود المعقول

بدوره، رأى الناشط وعضو جمعية "حماة دجلة" أحمد المشهداني أن "التجاوز على المياه في العراق، عبر إنشاء السدود الصناعية، بات سمة واضحة تخطت حدود المعقول، إلى درجة استيلاء محافظات عراقية على الحصص المائية لمحافظات أخرى"، مشيرا إلى أن السلطات في إقليم كردستان "تقوم بترتيب الاتفاقات مع الصين لبناء سدود جديدة على حدود بعض البحيرات الطبيعية والروافد التي تغذي نهر دجلة".

وأضاف المشهداني، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "السلطات العراقية لم تقم حتى الآن بتدويل التجاوزات الإيرانية على المياه المشتركة، لكنها تقدمت في الحوارات والاتفاقات مع الجانب التركي بشأن زيادة الإطلاقات المائية إلى البلاد"، مشيرا إلى أنه "مع وجود خطط في أربيل لزيادة عدد السدود في شمال العراق، فذلك يعني أن بقية مدن البلاد ستتعرض إلى انتكاسة مائية وشح الموارد من جديد".

وكانت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في العراق هينيس بلاسخارت قد حذرت، في 22 مارس/آذار الماضي، من التحديات التي تواجه العراق جراء النقص الحاصل في المياه، داعية في الوقت ذاته الدول المجاورة له إلى الانخراط في مناقشات هادفة حول تقاسم المياه وإدارة الموارد.

وحذر وزير الزراعة العراقية محمد كريم الخفاجي، في وقت سابق، من احتمال تسبب شح المياه بانهيار الأمن الغذائي في البلاد، موضحا أن 90% من الإيرادات المائية تأتي من تركيا، مقابل 10% من إيران.

وزير الزراعة العراقية محمد كريم الخفاجي، يحذر من احتمال تسبب شح المياه بانهيار الأمن الغذائي في البلاد

وقلّص العراق مساحة الأراضي المشمولة بالخطة الزراعية الموسمية إلى نصفها، في حين استُبعدت محافظات معيّنة من الخطة بشكل كامل، بسبب موجة جفاف غير مسبوقة تعانيها البلاد، نتيجة قطع إيران روافد نهر دجلة.

ولوّحت الحكومة العراقية مرات عدّة باللجوء إلى المؤسسات الدولية للحصول على المياه من إيران، وفقاً لاتفاقيات تقاسم المياه، إلا أنّها لم تخط أيّ خطوة نحو تدويل الملف على الرغم من رفض إيران أيّ حلول يطرحها العراق.

المساهمون