إسرائيل تستنزف أموال المصريين

21 أكتوبر 2021
مصر تستورد الغاز من دولة الاحتلال بعد أن كانت تصدره سابقاً (فرانس برس)
+ الخط -

ما زالت كلمات السفاح، بنيامين نتنياهو، ترن في أذني عندما قال يوم 19 فبراير/ شباط 2018 عقب إبرام اتفاقية تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر إن هذا "يوم عيد لإسرائيل"، وإن الاتفاق لن يعزز اقتصاد وأمن إسرائيل فحسب، لكنه سيعزز أيضاً علاقاتها الإقليمية.

وما زلت أتذكر كلماته، شديدة القساوة، حينما قال وقتها إن الاتفاقية المبرمة مع مصر ستدخل مليارات الدولارات إلى خزينة الدولة الإسرائيلية، وأن هذه الأموال ستصرف لاحقا على التعليم والخدمات الصحية والرفاهية لمصلحة المواطنين الإسرائيليين.

ولا زلت أتذكر كلماته يوم 19 يناير/ كانون الثاني 2020، حيث أعلن بفخر عن بدء تدفق تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، وقوله إن هذا التدفق قاد لتحويل إسرائيل لدولة عظمى في مجال الطاقة.

ولا زلت أتذكر جيدا ما أعلنه الحساب التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية على موقع تويتر (إسرائيل بالعربية) قبل نحو عامين تقريبا من أن "الغاز الطبيعي الإسرائيلي، الذي بدأ التدفق من حقل ليفياثان في شرق البحر المتوسط مُخصص للاستخدام في السوق المحلي المصري"، أي موجه للمنازل والمطاعم وشركات الصناعة المصرية، وليس لإعادة تصديره لأوروبا كما تم الترويج في وسائل الإعلام المصرية.

سعادة السفاح نتنياهو وغيره من قادة دولة الاحتلال معروفة ومبررة، فدولة الاحتلال حصدت 15 مليار دولار من أموال الدولة المصرية تمثل قيمة صفقة استيراد مصر الغاز من دولة الاحتلال على مدى 10 سنوات.

وزادت سعادته حينما نجح في زيادة قيمة الصفقة إلى 19.5 مليار دولار في العام 2020 عبر الاتفاق على ضخ مزيد من غاز دولة الاحتلال المنهوب إلى الأراضي المصرية، خاصة من حقلي لوفيثيان وتمار الواقعين شرق البحر المتوسط وقبالة السواحل المصرية والفلسطينية.

ويبدو أن دولة الاحتلال لم تكتف بالسطو على نحو 20 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب في مصر، بل راحت تتفق على ضخ مزيد من الغاز الذي سرقته من البحر المتوسط إلى مصر، حيث أعلنت وزارة الطاقة الإسرائيلية، اليوم الخميس، أن إسرائيل تدرس مد خط أنابيب بري جديد إلى مصر لزيادة صادراتها من الغاز الطبيعي لمصر بسرعة، وذلك في أعقاب انخفاض المعروض من الغاز على المستوى العالمي، وأن الخط سيربط شبكتي الغاز الطبيعي المصرية والإسرائيلية عن طريق شمال شبه جزيرة سيناء.

بالطبع، تزداد سعادة قادة الاحتلال، ومنهم السفاح نتنياهو الذي خرج مهزوما من رئاسة الوزراء، عندما يعلمون:

- أن المليارات التي تتدفق على الخزانة الإسرائيلية تتسبب في زيادة الاحتقان الاجتماعي وتؤزم الوضع المعيشي داخل مصر، حيث جمعتها حكومتها بشكل قاس من جيوب المصريين الخاوية عبر زيادات مستمرة في أسعار البنزين والسولار والغاز وفواتير الكهرباء والمياه والمواصلات العامة والرسوم الحكومية والضرائب، وربما يوجه جزءاً من قروض مصر الخارجية لسداد قيمة الصفقة،

- أن هذه المليارات تنعش خزانة دولة الاحتلال الخاوية التي تعاني من عجز حدا بسبب تفشي وباء كورونا، والكلفة الباهظة للحرب على غزة، وتراجع إيرادات الصادرات والسياحة والاستثمارات الأجنبية.

- أن الغاز الإسرائيلي بات يتدفق على مصانع وبيوت المصريين، حسب اعتراف وزير البترول المصري طارق الملا يوم 15 أغسطس/ آب 2018، حيث قال نصاً "إن مصر ستستخدم جزءاً من الغاز الطبيعي الإسرائيلي المستورد من قبل القطاع الخاص في السوق المحلية"، وكذا حسب تأكيد وزارة الخارجية الإسرائيلية في تغريدة مشهورة يوم 21 ديسمبر/ كانون الأول 2019، وهو ما يقهر شريحة كبيرة من الشعب المصري لا تزال ترفض التطبيع الاقتصادي والتجاري مع دولة الاحتلال.

كما أن استمرار تدفق الغاز الإسرائيلي يؤدي إلى تعزيز مكانة دولة الاحتلال لتصبح مركزاً رئيسياً للطاقة في شرق البحر المتوسط حسب تأكيدات قادة دولة الاحتلال.

استمرار تدفق الغاز الإسرائيلي إلى مصر يطرح كذلك عدة أسئلة، منها:

- أين إنتاج حقل ظُهر المصري الذي تم وصفه بأنه أكبر موقع لإنتاج الغاز الطبيعي في منطقة شرق البحر المتوسط؟

- وأين صادرات مصر الضخمة من الغاز سواء من هذا الحقل العملاق أو من غيره من حقول البحر المتوسط والصحراء الغربية؟

- هل صحيح أن مصر حققت اكتفاء ذاتياً من الغاز الطبيعي، كما قال كبار مسؤوليها في تصريحات سابقة؟

- وإذا كانت مصر قد حققت هذا الاكتفاء، فلماذا الزيادات القياسية في سعر الغاز المنزلي داخل السوق المصري؟

- ولِمَ استيراد الغاز من دولة الاحتلال أصلاً؟

المساهمون