أزمة بين منظمات الأعمال والمركزي المصري بسبب تكبيل الاستيراد

17 فبراير 2022
توقعات بارتفاع أسعار السلع المستوردة (Getty)
+ الخط -

أثار قرار البنك المركزي المصري بوقف التعامل مع مستندات التحصيل في تنفيذ كافة العمليات الاستيرادية انتقادات واسعة في الأوساط الاقتصادية والمنظمات الممثلة للصناع والتجار والمستثمرين.

وأرسلت العديد من منظمات الأعمال في مصر، ومنها اتحاد الصناعات وجمعية رجال الأعمال، خطاباً إلى رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، انتقدت فيه القرار وطالبت بإلغائه فوراً نظراً لتداعياته السلبية على إمداد الصناعة باحتياجاتها من مستلزمات الإنتاج للصناعة وكذلك على الصادرات بزيادة تكاليف الإنتاج، وتأثيرها السلبي على ثقة المستثمر الأجنبي في الاقتصاد المصري.

وكان البنك المركزي المصري قد أصدر، الاثنين الماضي، قراراً بوقف التعامل مع مستندات التحصيل في تنفيذ كافة العمليات الاستيرادية وقصر العمل على الاعتمادات المستندية فقط، اعتباراً من بداية مارس/ آذار المقبل، بهدف السيطرة على سعر الدولار في مقابل الجنيه من خلال تحجيم عمليات الاستيراد من الخارج.

واستثنى قرار البنك المركزي فروع الشركات الأجنبية في مصر والشركات التابعة لها، مع السماح للبنوك بقبول مستندات التحصيل الواردة عن بضائع تم شحنها بالفعل قبل صدور القرار. وقال البنك، في خطاب وجهه للبنوك العاملة في السوق، إنّ "القرار يأتي في إطار توجيهات مجلس الوزراء بشأن حوكمة عملية الاستيراد، وتفعيل منظومة التسجيل المسبق للشحنات المقرر تطبيقها بصورة إلزامية اعتباراً من 1 مارس/ آذار 2022".

وأكد مصدر مسؤول بشعبة المصدرين بالاتحاد العام للغرف التجارية بمصر، لـ"العربي الجديد"، أنّ قرار البنك المركزي بتفعيل نظام الاعتمادات المستندية سيؤدي إلى رفع أسعار السلع المستوردة، نتيجة الأعباء المالية الذي سيتحملها المستورد جراء فتح الحساب المستندي، في وقت تعاني فيه الأسواق من حالة ركود.

وأوضح المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أنّ هذا النظام سيؤدي إلى تأخير وصول بعض السلع، بالإضافة إلى أنّه يشترط دفع المستورد قيمة البضاعة بالكامل عبر اعتماد مستندي، وهو حتماً سيؤثر على دورة رأس المال للمستورد، وأشار إلى أنّ الهدف من القرار هو التحكم في نوعية السلع المستوردة للحدّ من عمليات الاستيراد مع توفير جزء من الحصيلة الدولارية التي يتم توجيهها لاستيراد سلع غير ضرورية، نافيًا وجود عمليات تلاعب في فواتير الاستيراد عبر النظام القديم.
ومن جانبه، يقول الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب إنّ نظام الاعتمادات المستندية يعني أنّ التعامل سيكون بين البنك المستورد والبنك المصدر، فالبنك مُصْدِرُ خطاب الاعتماد أو مصرف المستورد يتولى دفع ثمن البضائع، ويقدم الخطاب أيضًا ضمانات للمستورد بأنّ البضائع سوف يتم تسليمها وفقاً للمستندات المستوفية.

يضيف عبد المطلب في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ هذا النظام ليس جديداً، بل تم العمل به خلال الفترة من عام 2015، وحتى ما قبل تعويم الجنيه المصري في عام 2016، إذ اشترطت قواعد الإفراج عن السلع المستوردة أن تكون من مصانع مسجلة، وأن يتم سداد قيمتها بالكامل طبقاً لخطابات من البنك المصدر، ومن خلال تغطية البنك المستورد.

أكد مصدر مسؤول بشعبة المصدرين بالاتحاد العام للغرف التجارية بمصر، لـ"العربي الجديد"، أنّ قرار البنك المركزي بتفعيل نظام الاعتمادات المستندية سيؤدي إلى رفع أسعار السلع المستوردة


وكان الهدف من هذه الإجراءات هو ضبط الواردات التي ارتفعت بشكل كبير لتصل إلى نحو 87 مليار دولار عام 2015، وبالفعل نجحت هذه الإجراءات في تخفيض الواردات إلى نحو 60 مليار دولار عام 2017.

ويشير عبد المطلب إلى أنّ من إيجابيات هذا النظام أنّه سيمنع التلاعب من قبل المستوردين، وسيجبرهم على دفع القيم العادلة للجمارك طبقا للأسعار الحقيقية، وليس طبقاً لأسعار الفاتورة التي قد لا تكون دقيقة، بالإضافة لتقليل عمليات استنزاف العملات الصعبة في أشياء لا تفيد.

يتابع: "أما السلبيات فتتمثل في رفع تكاليف الاستيراد، إذ إنّ فتح الاعتماد يكون بمصاريف، ناهيك عن كون تغطية الاعتماد بالكامل تؤدي إلى ضياع فرص بديلة، إذ إنّه كان يمكن للمستورد دفع جزء من ثمن بضاعته المستوردة، مع استثمار الجزء الباقي، أو الدفع على أقساط أو غيرها من وسائل الدفع الأخرى".

المساهمون