أدت الضغوط على القطاع المصرفي الأميركي إلى ارتفاع مخاطر سندات الرهون العقارية في الولايات المتحدة، والتي تقدر قيمتها الإجمالية بنحو 8 تريليونات دولار، وتعتبر من الأصول الآمنة التي تستثمر فيها جميع البنوك.
وتتعامل البنوك مع سندات الرهون العقارية مثل تعاملها مع سندات الخزانة الأميركية، لأنها مضمونة من قبل شركات حكومية، وذلك وفقاً لما أوردته صحيفة وول ستريت جورنال، مساء الثلاثاء.
وتمتلك البنوك وشركات التأمين وصناديق السندات ما يسمى بسندات الرهن العقاري لأنها مدعومة من قبل المقرضين المملوكين للحكومة، وهم كل من شركة "فاني ماي" وشركة "فريدي ماك"، وبالتالي فهي من السندات الأقل احتمالاً أن تتعرض للتخلف في الدفع لحامليها من معظم السندات الأخرى في السوق الأميركي. كما يسهل شراؤها وبيعها بسرعة، وكانت من بين الأدوات المالية التي استثمر فيها بنك "سيليكون فالي".
لكن، وبحسب تقرير "وول ستريت جورنال"، فإنّ الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري مثل جميع السندات طويلة الأجل، معرّضة للتداعيات السالبة لارتفاع أسعار الفائدة، ما أدى إلى انخفاض أسعارها العام الماضي، وتسبب في انخفاض أسعار أسهم البنوك، مثل "سيليكون فالي" الذي تراجعت أسهمه بنسبة 60% قبل الانهيار.
وبعدما تولت المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع "سيليكون فالي"، يتوقع المستثمرون بيع سندات الرهون العقارية التي يملكها البنك المتعثر في الأشهر المقبلة، وهو ما يزيد العرض في سوق السندات، ويدفع بالتالي الأسعار إلى الانخفاض.
وفي الأسبوع الماضي، وصلت علاوة المخاطر بسندات الرهن العقاري إلى أعلى مستوى لها منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حسب بيانات مؤشر "بلومبيرغ".
وقال مديرو صناديق السندات إنّ هذه المخاطر التي تتعرض لها هذه السندات تعكس مخاوف المستثمرين من أنّ البنوك الصغيرة الأخرى التي تواجه أزمة سيولة قد تضطر إلى بيع سندات الرهون العقارية.
وصلت علاوة المخاطر بسندات الرهن العقاري إلى أعلى مستوى لها منذ أكتوبر 2022
في هذا الصدد، قال مدير محفظة سندات الرهن العقاري في شركة فرانكلين تمبلتون إنفستمنت الأميركية بول فارونوك، لـ"وول ستريت جورنال"، إنّ السوق عميق بما يكفي لامتصاص حتى عمليات التصفية الكبيرة حيث تجذب التقييمات الأرخص مشترين جدد.
ومع ذلك، فإنه يتوقع أن تؤدي أي اضطرابات أخرى في البنوك إلى مزيد من التقلبات في أسعار سندات الرهون العقارية.
وعادة عندما ترتفع أسعار الفائدة على الدولار تفقد السندات التي تم بيعها في أوقات أسعار الفائدة المنخفضة جزءاً من قيمتها.
وبدأت أسعار السندات العقارية في التراجع منذ حوالي عام، عندما رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) أسعار الفائدة لمحاربة التضخم، وهو ما رفع من الضغوط على أسعار السندات، وكان من بين الأسباب التي أدت إلى أزمة السيولة في "سيليكون فالي"، وحدوث ذعر بين المودعين والتدافع لسحب أموالهم.
ووفقاً لشركة "فاكت سيت" الأميركية التي ترصد سوق السندات، خسرت بعض سندات الرهن العقاري 15%، أو أكثر في غضون أشهر بعد الزيادات المتواصلة والسريعة في الفائدة الأميركية، حيث تم تداولها بسعر منخفض يصل إلى 80 سنتاً على الدولار.
يذكر أنّ عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين، المعروفة بحساسيتها تجاه سياسات مجلس الاحتياطي الفيدرالي، تعرّض لموجة بيعية، أمس الثلاثاء، أعقبت هدوء المخاوف المرتبطة بالقطاع المصرفي.
وزاد العائد على سندات الخزانة لأجل عامين بنحو 24 نقطة أساس إلى 4.17%، كما ارتفع عائد سندات الخزانة لأجل عام و3 أعوام بمقدار 24 و20 نقطة أساس على التوالي، فيما زاد عائد السندات لأجل 10 أعوام بمقدار 11 نقطة أساس.