تهدد أكبر هيئة تنظيمية في سوق الذهب العالمية بمنع سبائك الذهب القادمة من دول إحداها الإمارات العربية المتحدة من دخول السوق العالمية، إذا لم تلتزم هذه الدول بالمعايير التنظيمية.
وفي الرسالة الصادرة بتاريخ السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني والموجهة إلى الدول التي توجد فيها أسواق كبرى للذهب، أوضحت رابطة سوق لندن للسبائك المعايير التي يتعين الوفاء بها في مسائل مثل غسل الأموال ومصادر الذهب، وهددت المخالفين بوضعهم في قائمة سوداء.
وهذه الخطوة، التي خطتها الرابطة، هي أول مرة تثير فيها هيئة تنظيمية في السوق أو هيئة رسمية احتمال استبعاد صناعة السبائك في مركز مالي رئيسي، في إطار محاولتها معالجة الإنتاج والتداول غير القانوني أو المخالف للأعراف الأخلاقية للذهب.
وقالت روث كروويل، الرئيسة التنفيذية للرابطة، لرويترز، ردا على سؤال عن الرسالة "هدفنا هو العمل على نحو مشترك مع هذه الأسواق الرئيسية لتعزيز المعايير العالمية لا الانفصال عنها. ومع ذلك فنحن ملتزمون بالتحرك إذا لم يحدث تحسن ملموس فعال".
ولم تستهدف الرسالة مركزا ماليا بعينه، غير أن أربعة مصادر شاركت في صياغة الرسالة قالت لرويترز إن صناعة الذهب في دبي هي محور الاهتمام الرئيسي.
ووُجهت الرسالة إلى كل من الصين وهونغ كونغ والهند واليابان وروسيا وسنغافورة وجنوب أفريقيا وسويسرا وتركيا والإمارات والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وكلها تصفها الرابطة بأنها مراكز كبرى للذهب.
وقال أحد المصادر "مبادرة مراكز الذهب كلها ترجع إلى مشاكل خطيرة في دبي. وإذا لم يتصرفوا بمسؤولية فستقول الرابطة بحلول أوائل العام المقبل إن المصافي لا يمكنها استقبال الذهب من دبي".
والرابطة مجموعة مختصة بتجارة الذهب وليست من مؤسسات الدولة، لكن لها نفوذا كبيرا في السوق لأن البنوك العالمية الكبرى، التي تهيمن على تجارة الذهب، لا تتعامل في العادة إلا في الذهب الوارد من مصاف تعتمدها الرابطة.
وتعد الإمارات من أكبر مراكز الذهب في العالم، وتصدر ذهبا بمليارات الدولارات إلى مصافي التنقية المعتمدة لدى الرابطة كل عام. وقد انتقدت مجموعة العمل المالي (فاتف)، وهي هيئة تشارك فيها عدة حكومات لمكافحة عمليات غسل الأموال، وكذلك مؤسسات أهلية، الضوابط المعمول بها في الإمارات.
وتوصل تحقيق أجرته رويترز العام الماضي إلى أنه تم تهريب ذهب بمليارات الدولارات من أفريقيا إلى دبي، استخرجه عمال حرفيون يعملون في الغالب في ظروف صعبة. وما إن يصل الذهب إلى الإمارات حتى يصبح بالإمكان إدخاله إلى السوق العالمية.
وتنتشر في الإمارات أيضا الصفقات النقدية، وقالت مجموعة العمل المالي في إبريل/ نيسان إن الإمارات لا تبذل جهدا كافيا لمنع غسل الأموال.
وقالت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي في الإمارات، ردا على أسئلة من رويترز، إن الإمارات ستنظر بكل تأكيد في الاستفسارات والمخاوف التي أثارتها الرابطة ما إن تتسلم الرسالة.
وأضافت أن الإمارات تسلم بأهمية صناعة الذهب لديها وتطوير آليات قوية على نحو متزايد لمعالجة التحديات التي تطرحها الجريمة المالية.
وكانت الإمارات شددت اللوائح المالية لمحاولة التغلب على تصور بين بعض المستثمرين الأجانب أنها نقطة ساخنة للأموال غير المشروعة. وقد اعتمدت قانونا لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في 2018، وعملت مع الولايات المتحدة لفرض عقوبات على تنظيمات إسلامية متشددة.
وقالت وزارة الخارجية في الإمارات إن تعزيز الإطار التنظيمي يعد أولوية مهمة للدولة.
وامتنع عن التعليق مركز دبي للسلع المتعددة، وهو هيئة حكومية تحدد معايير صناعة الذهب وتعتمد بعض المصافي.
قالت رابطة سوق لندن للسبائك إن الدول الموجهة إليها الرسالة اختيرت لأنها تشهد تعاملات في كميات كبيرة من الذهب المعاد تدويره وهو يمثل خطرا كبيرا، حيث يمكن الاستفادة منه في غسل الأموال لأن من السهل إخفاء مصدر سبائك الذهب والحلي المستعملة في تلك الحالة.
وتقول الرسالة إن الأهداف الاستراتيجية للرابطة هي ضمان التزام مصدر الذهب المعاد تدويره بالمسؤولية، ووضع حد للصفقات النقدية، ودعم العاملين في استخراج الذهب من الحرفيين والمناجم الصغيرة.
وتطلب الرسالة من مستقبليها إعلان تأييدهم لمعايير الرابطة بحلول 11 ديسمبر/ كانون الأول، وإطلاعها على خطة العمل لتطبيقها بنهاية يناير/ كانون الثاني إذا لم تكن مطبقة.
وقالت الرسالة إن "عدم التعاون أو العزوف عن الالتزام العلني بهذه المعايير واطلاع الرابطة على جدول زمني مقترح، سيعني أن الرابطة قد لا تسمح بعد ذلك لمصافي الذهب المعتمدة باستخدام المواد الواردة من مركز الذهب العالمي أو مرت عبره".
وسبق أن فرضت حكومات، وكذلك الأمم المتحدة، عقوبات على دول مثل فنزويلا، أو أفراد وشركات في دول مثل جمهورية الكونجو الديمقراطية التي استخدم فيها الذهب في تمويل الصراعات.
ويوجد في الإمارات أكثر من عشر مصاف للذهب. ولا تعتمد الرابطة أيا منها، وأغلبها يفتقر إلى سياسات معتمدة في تحري مصادر الذهب.
غير أن أرقام الرابطة تبين أن مصافي تعتمدها، وخاصة في سويسرا، استوردت 212 طنا من الذهب من الإمارات في 2018، وفقا لأحدث البيانات. وبالأسعار الحالية، تعادل قيمة هذه الكمية 13 مليار دولار.
وتقول مصاف تستورد الذهب من الإمارات إنها تتحقق من الموردين بدقة، وإن عددا كبيرا من الشركات العاملة في دبي تدار على أسس أخلاقية. غير أن مصافي أخرى تتحاشى التعامل في الذهب القادم من الإمارات.
وقالت ساشا ليجنيف، نائبة مدير السياسات بمنظمة ذا سنتري، وهي منظمة أهلية نشرت تقريرا يوم الثلاثاء عن صناعة الذهب في دبي "هذه المبادرة لديها القدرة على التأثير بشكل ملموس في تجارة الذهب الذي يمول الصراعات ومصافي التنقية".
(رويترز)