مع تراجع آمال الأتراك بتحسن سعر صرف عملتهم وتراجع نسبة التضخم، يرحّل عام 2023 تطلعات الأتراك إلى العام المقبل، بعد إقرار المسؤولين الأتراك باستمرار زحف التضخم وتهاوي سعر صرف الليرة التركية التي سجلت اليوم الأحد 28.9651 ليرة مقابل الدولار، بينما تعدّى سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة 31.5828 ليرة تركية، لتبلغ نسبة تراجع الليرة خلال العام الآفل نحو 35%.
وفي حين لم تجد إجراءات التقشف النقدي، وتحريك سعر الفائدة على الليرة التركية، نفعاً حتى الآن، بعد رفع سعر الفائدة لأربع مرات متتالية لتصل إلى 40%، سجّل معدل التضخم السنوي في تشرين الثاني/ نوفمبر نحو 61.98%، والشهري 3.28%، مدفوعاً بارتفاع أسعار المواد الغذائية والنقل.
وجاءت توقعات المصرف المركزي التركي، أمس الأول، لتزيد الإحباط بالشارع المتطلع لـ"رغد العيش"، كما وعد الفريق الاقتصادي عند تعيينه في مايو/ أيار الماضي.
وكشف البنك المركزي عن توقعاته لنسبة التضخم وسعر صرف الدولار الأميركي أمام الليرة التركية نهاية العام الجاري، متوقعاً أن تصل نسبة التضخم إلى 65.62%، وأن يصل سعر صرف الدولار إلى نحو 29.62 ليرة.
وفي بيانه، ألمح البنك إلى أن سعر الفائدة سيرتفع إلى 43.76% بعد ثلاثة أشهر، الأمر الذي فسره مختصون بعدم الإقدام على رفع كبير لسعر الفائدة، كما المرات السابقة، وتوقعاتهم بتثبيت سعر الفائدة الخميس المقبل، آخر جلسات لجنة السياسات النقدية بالمصرف المركزي للعام الجاري.
وكان المصرف المركزي التركي قد رفع الشهر الماضي سعر الفائدة بنحو 500 نقطة أساس، من 35 إلى 40% في محاولة لضبط التضخم، بعد سحب فائض السيولة من الأسواق باتجاه العوائد الكبيرة التي تقدمها المصارف، مع سعر الفائدة الجديد.
الليرة التركية تنتظر نتائج تغيير السياسات
ويقول الاقتصادي التركي مسلم أويصال إن نتائج خطة الفريق الاقتصادي ستبدأ بالظهور العام المقبل، لأنها برأيه، جاءت انقلابية على سياسة مالية ونقدية ممتدة منذ عقد، والتغيير يحتاج إلى وقت لتحقيق الثقة، سواء من المستثمرين والأموال الخارجية، أو من وكالات التصنيف الائتماني.
وأشار أويصال إلى أن تركيا سجلت تحسناً ملحوظاً في مؤشرات المخاطر الاقتصادية، حيث انخفضت مخاطر الائتمان لمدة 5 سنوات (CDS) إلى أقل من 300 نقطة أساس لأول مرة منذ مارس 2021، ما يعكس تزايد الثقة بالاقتصاد التركي، وزيادة في صافي التدفقات الاستثمارية، حيث بلغ إجمالي صافي التدفقات الأسبوعية 1 مليار و453.8 مليون دولار، وهو أعلى مستوى منذ 21 يوليو 2017، ما يشير إلى تنامي الاهتمام الاستثماري في الأسواق التركية.
ويضيف أويصال لـ"العربي الجديد" إلى أنّ زيادة وتعزيز الاحتياطي الأجنبي بالمصرف المركزي، وخطة زيادة الموارد عبر الضرائب والرسوم، سيكونان المنطلق لتحقيق الاستقرار النقدي والمالي، وبالتالي جذب الاستثمارات العام المقبل، متوقعاً أن تستمر الليرة بالمراوحة والتضخم بالارتفاع طيلة عام 2024.
وأعلن البنك المركزي التركي (TCMB) عن وصول إجمالي احتياطياته إلى 141 مليار و374 مليون دولار، محققاً بذلك أعلى مستوى في تاريخه، بزيادة قدرها 42.9 مليار دولار منذ نهاية مايو، وبنسبة نمو 43.6% في نحو ستة أشهر.
ويكشف المركزي التركي أن احتياطيات العملات الأجنبية للبنك بلغت 94 مليار و509 ملايين دولار، بعد زيادة قدرها 1 مليار و276 مليون دولار، مقارنةً بـ93 ملياراً و233 مليون دولار في 1 ديسمبر. كما شهدت احتياطيات الذهب تراجعاً طفيفاً بمقدار 52 مليون دولار، منخفضةً من 46 ملياراً و916 مليون دولار إلى 46 ملياراً و864 مليون دولار.
وكان تيموثي آش الخبير الاستراتيجي في الأسواق النامية بمركز إدارة الأصول "بلوباي" قد كشف عن توقعات إيجابية للاقتصاد التركي، مشيراً إلى أن عملية انخفاض معدلات التضخم ستبدأ في تركيا، حين تستقر الليرة، مما سيؤدي إلى تدفق رؤوس الأموال إليها.
واعتبر آش أن عام 2024 سيكون عاماً مثيراً لتركيا، خاصة مع جني عشرات المليارات من الدولارات من السياحة، وهو ما يعد إنجازاً كبيراً يساهم في النمو الاقتصادي، وخلق فرص عمل، وتحسين الحساب الجاري، مما يعزز الاستقرار المالي الكلي.