"أوميكرون" يضع أسواق المغرب على أبواب انتكاسة جديدة

30 نوفمبر 2021
السياحة أكبر المتضررين من الجائحة الصحية (فاضل سنّا/فرانس برس)
+ الخط -

سادت حالة من القلق في الثلاثة أيام الأخيرة، بعد الأخبار التي استحوذ عليها "أوميكرون" متحور فيروس كورونا، والقرار الذي اتخذته السلطات المغربية بإغلاق حدوده الجوية في الأسبوعين المقبلين أمام الملاحة الجوية.

قلق يلتبس بنوع من الخيبة بعدما ظن الناس أن تخفيف التدابير الاحترازية إثر تحسن الوضعية الوبائية سيعيد الحياة إلى طبيعتها.
وزادت المخاوف من تكبّد الأسواق خسائر باهظة في حال استمرار إغلاق الطيران لفترة طويلة مع تصاعد الإجراءات الاحترازية، إذ ستكون قطاعات التجارة والسياحة والطيران في فوهة شظايا متحور "أوميكرون" المتطور.

تعليق رحلات الطيران
مع سؤال "العربي الجديد" الكاتب العام للاتحاد العام للمقاولات والمهن، محمد الذهبي، عن تداعيات المتحور الجديد، أجاب أنّ الأجواء السائدة تذكر بالربع الأول من العام، عندما بدأت تظهر إصابات، ما أدى إلى توالي القرارات التي أفضت إلى الحجر الصحي، بما كان لذلك من تداعيات على الاقتصاد وحياة الناس.
يرى الذهبي أن حالة عدم اليقين التي يؤجهها المتحور الجديد (أوميكرون)، تفضي إلى الخشية من تدهور الوضع الوبائي في العالم، بما لذلك من تداعيات على الحياة العادية في المغرب، الذي قد يضطر إلى اتخاذ إجراءات احترازية، ستنعكس على المقاولات والتجار والحرفيين، ومناصب الشغل والقدرة الشرائية.

وقد قرر المغرب، أول من أمس، تعليق جميع الرحلات المباشرة للمسافرين في اتجاه المملكة، اعتباراً من أمس الاثنين، مسوغاً ذلك بانتشار "أوميكرون" خصوصاً في أوروبا وأفريقيا. ويبرر المغرب القرار بالرغبة في الحفاظ على المكتسبات التي راكمها في مجال محاربة الجائحة وحماية صحة المواطنين، حيث تشير بيانات وزارة الصحة والحماية الاجتماعية إلى أنه لم تسجل أية حالة وفاة، بالإضافة إلى 84 إصابة جديدة، فيما بلغ عدد المتعافين 102 شخص خلال أول من أمس.
وذهب الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، الطيب حمضي، في تحليل عمّمه أول من أمس، على وسائل الإعلام، إلى أن قرار المغرب بإغلاق الأجواء لمدة 15 يوماً يجد مبرره في الرغبة بالتعرف أكثر على طبيعة المتحور ومدى شراسته وقدرة اللقاحات المتوفرة على الإحاطة به.

تداعيات على القطاع السياحي
وبدأت تظهر تداعيات تعطيل في القطاع السياحي، إذ سُجل إلغاء لحجوزات في الفنادق التي كانت تعول على عودة السياح في ديسمبر/ كانون الأول بمناسبة أعياد الميلاد، علماً أنّ إغلاق الحدود لن يقتصر فقط على الرحلات الجوية، بل يشمل اعتباراً من اليوم البواخر التي تنقل المسافرين.
ويتصور الاقتصادي المغربي، علي بوطيبة، في حديثه لـ"العربي الجديد" أنّ الأضرار التي ستلحق بالسياحة يمكن أن تتجلى أكثر في حال تشديد التدابير الاحترازية، خصوصاً في ما يتصل بالتنقل بين المدن، ما سينعكس على حركة السياحة الداخلية، مضيفاً أنّ التأثيرات على السياحة تنسحب على قطاعات أخرى مثل المطاعم والمقاهي والترفيه.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

غير أنّه يلاحظ أنّ التطورات الأخيرة إذا ما استمرت ستنعكس على التجارة الخارجية للمغرب، رغم استثناء البواخر الناقلة للسلع من قرارات منع العبور، باعتبار أنّ التدابير المتخذة في أوروبا التي تعتبر الشريك الرئيسي للمغرب، ستفضي إلى تباطؤ وتيرة الطلب الموجه للمملكة.

توسيع عجز الموازنة
وينبه بوطيبة إلى أنه في حال لم يحاصر المتحور الجديد، سينعكس ذلك على النقاش الجاري في البرلمان حول مشروع موازنة العام المقبل، الذي راهن على عودة الانتعاش، غير أن التطورات اللاحقة قد تفضي إلى دفع الحكومة إلى التعايش مع توسيع عجز الموازنة، بفعل الإنفاق الذي سيقتضيه احتمال تضرر بعض القطاعات.
وبدأت تثار في الأيام الأخيرة مسألة مواجهة قطاع السياحة الظرفية الحالية، بينما أخبرت وزيرة السياحة، فاطمة الزهراء عمور، الفاعلين في قطاع السياحي بالالتزام بتقديم مساعدة بقيمة 210 دولارات في الشهر للعامل المتضرر المصرح به لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وأفضت حالة عدم اليقين المرتبط بالفيروس إلى انخفاض أسعار النفط في السوق الدولية، ما سيساعد المملكة على خفض فاتورة الواردات من منتجات الطاقة التي زادت في التسعة أشهر الماضية بنسبة 36.8 في المائة، لتصل إلى 5.5 مليارات دولار، ما يساهم في توسيع عجز الميزان التجاري. ولكن عادت أسعار النفط للارتفاع خلال الفترة الأخيرة، مما قد يغير المعادلة، حسب مراقبين.

أفضت حالة عدم اليقين المرتبط بالفيروس إلى انخفاض أسعار النفط في السوق الدولية، ما سيساعد المملكة على خفض فاتورة الواردات من منتجات الطاقة

وينتظر أن يضع الفيروس توقعات الحكومة تحت المحك في العام الحالي والمقبل، الذي تراهن فيه على نمو في حدود 3.2 في المائة وعجز موازنة في حدود 5.9 في المائة، ما يزيد الضغط على مستوى مديونية الخزانة التي ينتظر أن تقفز إلى 79.6 في المائة.
ويرى بوطيبة أن الدولة في حال عدم محاصرة الفيروس عالمياً، ستضطر إلى دعم الشركات، بما فيها الشركات العمومية، مثل الخطوط الملكية المغربية، التي استفادت في ظلّ الجائحة من دعم في حدود 350 مليون دولار، بالإضافة إلى ضمان قرض في حدود 260 مليون دولار بهدف استمرارية صمودها.

المساهمون