يواجه اليمن خطورة الانزلاق إلى مشاكل أعمق بسبب سلالة أوميكرون، إذ تعرف البلاد أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم خلال الفترة الأخيرة.
ومع انتشار الفيروس والتطورات الأخيرة بظهور متحور جديد والصراع الدائر في اليمن، فإنّ مراقبين يتوقعون سقوط البلاد في بئر أعمق يفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية.
وبدأت الحكومة اليمنية في رصد التأثيرات التي قد تنتج عن تداعيات الفيروس المتحور، إذ تابعت اللجنة الوطنية العليا للطوارئ في اجتماعها الطارئ برئاسة رئيس الوزراء معين عبد الملك، أخيراً، تطورات الوضع الوبائي لفيروس كورونا على ضوء إعلان منظمة الصحة العالمية عن المتحور الجديد "أوميكرون" وما يمكن اتخاذه من إجراءات صحية تحسباً لأي طارئ.
وحسب مصدر حكومي مسؤول تحدث لـ"العربي الجديد"، فإنّ الوقوف على التطورات والمستجدات الدولية في هذا الخصوص يهدف إلى تكوين فكرة شاملة عن حجم التأثيرات الناتجة عن الإجراءات المتخذة على المستوى الدولي والمنظمات الصحية المعنية، لاتخاذ التدابير والخطط الاقتصادية للتعامل مع التبعات التي قد تفاقم الأزمة الاقتصادية الحالية في اليمن.
وأكد المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أنّ اليمن لن يستطيع مواجهة تبعات "أوميكرون" على المستوى الاقتصادي وسوق الصرف المضطرب وحده، إذ يحتاج الأمر لمساعدة دولية تجنب البلد الذي تجتاحه أزمات اقتصادية وإنسانية وخيمة ما لا تحمد عقباه مع تمدد الجوع ليشمل نسبة كبيرة من السكان في مختلف المناطق والمحافظات اليمنية.
ومن جانبه، يجزم الخبير الاقتصادي منصور البشيري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، بأنّ أيّ إغلاق آخر على المستوى العالمي مع الإعلان عن المتحور الجديد "أوميكرون" سيؤثر بشكل كبير على اليمن الذي يعتبر سوقاً مفتوحاً للمنتجات والسلع المستوردة من الخارج، ويشير إلى ما حدث في الانتشار الأول من فيروس كورونا، حين تأثرت الأسواق اليمنية واختفى كثير من السلع وارتفعت أسعارها وتدهورت بعض الخدمات العامة الرئيسية.
لكن من وجهة نظر البشيري، فإنّ تأثير المتحور الجديد على سوق الصرف في اليمن سيكون محدوداً مقارنة بتأثر بقية القطاعات الأخرى، إذ يرى أنّ المشكلة الأهم هنا ليست في شح النقد الأجنبي بل في سوء الإدارة بدرجة أساسية والفوضى والعشوائية في التعامل الحكومي مع هذه الأزمة التي تتحور بشكل مستمر كفيروس وبائي.
ويتوقع عضو اتحاد عمال اليمن علي الصلاحي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ اليمن مقبل على أزمة كبيرة في سوق العمل وتضخم البطالة وتأزم الأوضاع المعيشية مع تصاعد تبعات انتشار المتحور الجديد واستشعار الخطر من قبل قطاع الأعمال في اليمن، الذي قد يلجأ إلى اتباع سياسة تشغيل طارئة، خصوصاً في قطاع النقل وما قد ينتج عن ذلك من تسريح أيد عاملة وتخفيض الأجور.
وتسود مخاوف في اليمن من تصاعد الإجراءات الاحترازية الدولية، ما سيؤدي إلى تعطيل سلسلة توريد الحبوب وبعض المواد الغذائية الرئيسية الأخرى.
وتقوم بعض الدول، مثل روسيا، أكبر مصدر للقمح في العالم، بتقليص الصادرات لزيادة مخزونها الداخلي. وفي الوقت نفسه، بدأت البلدان التي تعتمد على الحبوب المستوردة في زيادة عمليات الشراء، الأمر الذي أدى إلى تفاقم أثر تفشي فيروس كورونا على أسعار الغذاء العالمية.
ويدعو التاجر عبد المجيد الحسني، في حديث لـ"العربي الجديد"، السلطات الحكومية المعنية في البلاد إلى أن تأخذ هذه الأزمة على محمل الجد، وتضع خططاً احترازية استباقية طارئة لتأمين مخزون غذائي وتفعيل أطر الشراكة مع القطاع الخاص الذي لم يعد قادراً على تحمل المزيد من الأزمات في ظل ما هو قائم منها على مستوى العملة والوقود والخدمات العامة والنقل والشحن التجاري والجبايات.
وترى دراسة تحليلية للآثار الاجتماعية والاقتصادية لجائحة كورونا في اليمن صادرة حديثاً، وحصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، أنّ اعتماد اليمن الشديد على المواد الغذائية المستوردة لتلبية 80 إلى 90% من المتطلبات الوطنية من الغذاء، أحدث أثراً شديد الوطأة على فاتورة واردات اليمن وعلى قدرة ملايين اليمنيين على الحصول على الغذاء.