خلال الأعوام الثمانية التي أعقبت الاحتجاجات الشعبية في أكثر من بلد عربي، برزت عدّة تظاهرات ثقافية توجّه جزء منها إلى المسرح ضمن رؤية جديدة في الشكل والمضمون، حيث أبرزت أشكالاً لم تكن تحتفي بها المؤسسة الرسمية من قبل، ترتبط بمسرح الورشة أو الجسد أو الحكواتي.
من جهة أخرى، اشتبك الفنانون المشاركون بالقضايا الراهنة من خلال تناول الهموم السياسية والاجتماعية في أعمالهم وتقديم مراجعاتهم للماضي والحاضر، إلى جانب الابتعاد عن الآليات التقليدية في اختيار العروض والنقاش حولها.
تحت عنوان "تجاوز"، تنطلق فعاليات الدورة السادسة من ملتقى "لازم مسرح" الذي يستضيفه "مركز الجزويت الثقافي" في مدينة الإسكندرية المصرية عند السابعة من مساء غدٍ الأربعاء، وتتواصل حتى الرابع من الشهر المقبل.
يعرّفه القائمون عليه بأنه "ملتقى مسرحي اتخذ من يوم المسرح العالمي (27 آذار من كل عام) ميعاداً لانطلاق تظاهرة مسرحية معاصرة تُعنى بالمسرح المعاصر والمستقل، وتسعى لدعم جيل الشباب من المسرحيين الذين واجهوا الآليات والممارسات السلطوية غير المرحبة بإسهام وتطوير الشباب في مجتمعاتهم".
يُفتتح الملتقى بمسرحية "من أجل الجنة، إيكاروس!" لـ أحمد عزت الألفي، الذي يستند فيها إلى الأسطورة الإغريقية عن شخصية إيكاروس الذي كان محتجزاً مع أبيه في جزيرة كريت عقاباً لهما، فاستعان الاثنان بأجنحة ثبّتاها على ظهريهما بالشمع للهروب من الجزيرة، فحلّق الابن مقترباً من الشمس متجاهلاً نصيحة والده، فهوى صريعاً بعد أن أذابت أشعة الشمس الشمع المثبّت لجناحيه.
كما تُعرض قراءة مسرحية بعنوان "بابا تعا لعندي" من تأليف وأداء فرح برقاوي من فلسطين، التي تقدّم رؤية احتجاجية ضد الصورة النمطية للمرأة العربية، و"مواجهة نزع الوجه" للفنانة الهولندية نتاندو سيلي التي قدّمتها ضمن أطروحة ماجستير حول العنصرية على المستوى الشخصي والسياسي الاجتماعي.
كما يُعرض عمل بعنوان "تجسيد الحوائط" للمخرجيْن الإيطالية أندريا روديغر والمصري عادل عبد الوهاب، وهو إنتاج مسرحي متعدد الوسائط قائم على البحث ومصمَّم لليافعين، ويتناول الحروب وقضايا الهجرة، إضافة إلى نتاج ورشة عمل بعنوان "مسرح الأشياء" من تأليف محمد كسير وإخراج أحمد هاني. العمل شكل من أشكال مسرح العرائس، وهو ذو جانب فلسفي يُعنى بالقوة الخفية التي تحرّك الأشياء، ومسرحية "شجرة الحياة" التي تتكئ على نص سردي توثيقي لـ آنا عكاش من سورية.