"مكتبة في كل مقهى": حصاة في بركة راكدة

09 يوليو 2016
حمزة بونوّة/ الجزائر
+ الخط -

قليلةٌ هي المبادرات التي تسعى إلى تشجيع القراءة والترويج للكتاب في الجزائر، رغم أن قطاع النشر يشهد حراكاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة. واللافت أنها مبادرات رسميةٌ في معظمها، وغالباً ما تعرف تعثّراتٍ على مستويات مختلفة.

أمّا المبادرات المستقلّة، فتكاد تكون غائبةً، في ظلّ انسحاب غير معلن للمحسوبين على المشهد الثقافي من الحياة العامّة، واقتصار حضورهم على النشاط الفردي الذي لا يتجاوز، في أحسن الأحوال، الترويج لإصداراتهم عبر صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما لا نلمس لهم حضوراً في الفضاءات العامّة، بأفكار جديدة ومبادرات تهدف إلى إيصال الكتاب لجمهور أوسع من القرّاء.

لكن مؤخّراً، بدأنا نسمع، بين الفنية والأخرى، عن مبادرات ثقافية يُطلقها كتّاب وفنّانون ونشطاء مستقلّون، في محاولة لإلقاء حصىً في البركة الراكدة، من دون انتظار تمويل حكومي، أو الدخول في متاهات البيروقراطية التي تفرضها المؤسّسة الرسمية.

من بين تلك المبادرات، مبادرة تحمل اسم "مكتبة في كلّ مقهى"، والتي أطلقها، مؤخّراً، الشاعر محمد الأخضر سعداوي ومجموعةٌ من مثقّفي مدينة تقرت، في محافظة ورقلة جنوبي الجزائر، وتتمثّل فكرتها في تأثيث مقاهي المدينة بالكتب، لجعلها في متناول قرّاء غير اعتياديين، هم روّاد المقاهي أنفسُهم.

جُسّدت الفكرة في ثلاثة مقاهٍ إلى الآن، في انتظار تعميمها على أكبر قدر من مقاهي المدينة، وهي خطوةٌ أولى تهدف، بحسب القائمين على المبادرة، إلى "تحويل المقاهي إلى فضاءات ثقافية تحتضن نشاطات دورية تجمعُ مبدعي المنطقة، من كتّاب وموسيقيين ومسرحيين، وتعرّفهم ببعضهم البعض، وتقدّمهم إلى جمهور أوسع".

يؤكّد القائمون على المبادرة أنهم فوجئوا بالتفاعل الكبير الذي أبداهُ مواطنو المدينة، الذين حضروا، بشكل كبير، النشاطات الثقافية التي نُظّمت في إطار المبادرة، وأيضاً بتجاوب أصحاب المقاهي مع الفكرة؛ حيثُ أصبحوا هم من يُبادر إلى الاتصال بهم، مؤكّدين ترحيبهم بتحويل مقاهيهم إلى مكتبات وفضاءات للنشاطات الثقافية.

يواصل سعداوي ورفاقه، الذين كانوا قد أطلقوا في وقت سابق مبادرة بعنوان "اقرأ كتاباً وخذه هدية"، التنقّل بين مدن وقرى ورقلة، التي لم يشهد بعضها أي نشاط ثقافي منذ عدّة سنوات، معتمدين على إمكانياتهم الخاصّة. اليوم، يفتتحون فضاءً رابعاً، في انتظار فضاءات جديدة يأملون أن تضخّ روحاً جديدةً في حياة المدينة الصحراوية.

المساهمون