إلى جانب أعماله الأدبية التي تنوّعت بين الرواية والقصّة والشعر، كان للكاتب والباحث الجزائري مولود معمري (1917 - 1989) اشتغال فارق في مجال الثقافة واللغة الأمازيغيّتَين، وهو الذي أصدر، عام 1982، أوّل مجلّة تُعنى بهذه الثقافة بسام "آوال" (الكلمة)، وأنجز أوَّل عملٍ في قواعد اللغة الأمازيغية، إلى جانب نشره دراساتٍ أنثروبولوجية في هذا المجال، وتدوينه نصوصاً من التراث الشفاهي الأمازيغي.
هذا الجانب البحثي من سيرة الكاتب والباحث الراحل، كان محور ندوةٍ أُقيمت، قبل أيّام، في "المسرح الجهوي عمّار العسكري" بمدينة البويرة، شرقي الجزائر، ضمن فعاليات "شهر التراث" التي تتواصل حتى الثامن عشر من أيار/ مايو المقبل، بمشاركة باحثين ومختصّين في اللسانيات، تحدّثوا عن دوره في توثيق التراث الثقافي غير المادّي وحمايته من الزوال، من خلال تناوله للحياة والعادات والتقاليد الثقافية في مناطق مختلفة من الجزائر.
في هذا السياق، قال الباحث في علم الآثار والثقافة واللغة الأمازيغيّتَين، حميد بيلاك، إنّ معمري أدّى دوراً ريادياً في الحفاظ على التراث غير المادي، معتبراً أنّه أسهم، بشكل كبير، في "إعادة الاعتبار للروح الجزائرية، من خلال أعماله البحثية؛ مثل "أهليل قورارة" (1984)، و"القصائد الشعرية القبائلية القديمة" (1980).
وأشار المتحدّث إلى أنّ "اليونسكو" اعتمدت على أبحاث معمري وتحليلاته حول فنّ "أهليل"، لاعتماده ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي.
أمّا الباحث في اللسانيات، حسان حلوان، فتطرَّق، في مداخلته، إلى دور اللغات الأُمّ في الحفاظ على التراث غير المادي، مُعتبراً أنّ "الأسماء الجغرافية للعديد من المواقع والمدن في الجزائر تُعبّر عن تاريخها وتعكس هويّة الأماكن والسكان".