محمود جمال الحديني.. أربع شخصيات تائهة

19 مارس 2023
(من العرض)
+ الخط -

خلال العقدين الماضيين، كتب المخرج المسرحي المصري محمود جمال الحديني أكثر من عشرين نصاً، تتبّع في معظمها ظواهر وأحداثاً تنتمي إلى اللحظة الراهنة، سواء في تركيزه على علاقة الفرد بالسلطة ضمن سياقات متعددة تكشف مستويات مختلفة ومتداخلة من القمع.

كذلك قدّم مجموعة نصوص كان معظمها أكثر وضوحاً ومباشرة في تناول المكان وعلاقة الشخصيات التي رسمها فيه ضمن أحداث ومحطات تاريخية بارزة، مثلما فعل في "شارع 19"، و"سبارتاكوس"، و"1980 وأنت طالع"، و"هانيبال"، و"سينما 30"، و"يوم قتلوا الغناء"، وغيرها.

في نصه الجديد "بيت روز" الذي يخرجه الحديني أيضاً، تدور الأحداث في كافتيريا تلتقي فيها أربع سيدات من الطبقة الوسطى جمعتهن علاقة قديمة منذ أيام الدراسة تمتد إلى أكثر من عشر سنوات، وكلهن تجاوزن الثلاثين بتجارب حملت العديد من الانكسارات والمخاوف.

تُعرض المسرحية عند السابعة من مساء اليوم على خشبة "مسرح الطليعة في القاهرة، ويعاد عرضها في الموعد نفسه غداً الاثنين، وتشارك في التمثيل كلّ من سالي سعد، ونادية حسن، وسماح سليم، وهاجر حاتم، ومريم عيد، بينما أسند تصميم الديكور والأزياء إلى هبة الكومي، وتصميم الإضاءة إلى محمود الحسيني، والموسيقى إلى رفيق يوسف، إلى جانب مساعدتَي المخرج، مها مصطفى ورنا عادل، والمخرج المنفذ عبد الخالق جمال.

يشكّل الحوار عنصراً أساسياً في العرض، حيث تتحول جلسة عابرة استدعت فيها كلّ شخصية ذكريات مشتركة إلى مراجعة للأفكار والقيم المتباينة بين جميع الشخصيات، حيث تبدو سارة التي فشلت في الزواج لمرتين ناقمة على شعورها بالوحدة، ليس لأنها لا تمتلك أسرة وحياة اجتماعية، بل لأنها تفتقد شريكاً بات من الصعوبة اللقاء به بسبب المعطيات التي تحكم حياتها.

أصبحت سارة صاحبة تدوينات شهيرة على وسائط التواصل الاجتماعي، واكتسبت جمهوراً واسعاً، ورغم تظاهرها بالصلابة وعدم الاكتراث بآراء الناس، إلا أنها تخفي بداخلها شخصية ضعيفة خائفة إلى حدّ الرعب من المجتمع وأحكامه، بينما تؤدي منار شخصية خاضت تجربة عاطفية عشر سنوات لم تكلّل بالارتباط، بسبب تعلقها بشخص سلبي ضعيف مستسلم للظروف.

وتلعب سحر دور امرأة متزوجة لديها طفلان تتظاهر دائماً بأنها الأكثر نجاحاً فى الحياة، مخفية تسلط زوجها ورفضه لصداقتها بسارة المطلقة، وتعنيفه المستمر لها، وتعديه بالضرب عليها في بعض الأحيان، مقابل نوران التي لا تتمسك بالأمل بأن تجد الحب وزواجاً مناسباً.

جدل كبير بين الشخصيات الأربع يكشف تفاصيل ثرية تتعلّق بتجاربهن وعلاقتهن بأسرهن ومحيطهن، ونظرة كل واحدة لماضيها والمستقبل، وتتعالى الأصوات دفاعاً عن خياراتها أو تبريراً لها، لكن تتكرّس مشاعر الشك وعدم امتلاك اليقين تجاه ما تفكر فيه وتفعله كل شخصية منها.
 

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون