اهتمّ الفنان التشكيلي المصري محمد الطحّان (1946 – 2021) بمفردات العمارة المصرية وتنويعاتها في المدينة والريف، مبرزاً واجهات المنازل في الأحياء العتيقة أو مساكن أهل الدلتا والصعيد وصولاً إلى الجنوب والنوبة والواحات، وموظفاً فيها الخط العربي والنقوش التي كانت تُحاك على الملابس.
تعكس تلك اللوحات التي تمثّل جانباً أساسياً في تجربته على مدار خمسين عاماً، العلاقات الجمالية التي تشكّلت عبر السنين سواء في ما يتصل بتشكيلاتها الزخرفية المتنوعة أو التناغم بين فتحات النوافذ والأبواب وفضاءات المنزل، وكذلك في ارتباط الشكل بالوظيفة المعيشية لكلّ تلك العناصر.
يُفتتح عند السابعة من مساء اليوم الأربعاء، في "مركز الجزيرة للفنون" بالقاهرة، معرض استعادي لمحمد الطحّان يتواصل حتى التاسع عشر من الشهر الجاري، بتنظيم من "قطاع الفنون التشكيلية" في وزارة الثقافة المصرية.
تنتمي الأعمال المعروضة إلى الرسم، حيث استخدم الفنان الراحل ألوان الباستيل والزيت والفحم، كما قدّم أعمالاً تنتمي إلى فنون الحفر والنحت والخزف، ضمن رؤية تنظر إلى الفن بوصفه امتداداً للحرف التقليدية وليس منفصلاً عنها.
الطحّان الذي وُلد ونشأ في الجمالية؛ أحد أحياء القاهرة القديمة، واختزنت ذاكرته البصرية الأولى بصوَر مساجد الأزهر والأقمر والحاكم بأمر الله، وبوّابات الحيّ ومدارسه الأيوبية والمملوكية ومحّلات الصاغة والنحّاسين القديمة، إضافة إلى المواسم الدينية والشعبية مثل المولد وغيره.
جمالية المكان والمظاهر الطقوسية شكّلا عنصرين أساسيين في معظم لوحاته، كما يشير في أكثر من مقابلة صحافية، منجذباً تارة إلى الأقواس والقباب والزخارف والمنمنمات والأرابيسك، وتارة إلى الإنسان وفعله اليومي سواء في الشارع أو المقهى أو المنزل أو الساحات.
برزت الحشود البشرية في أعماله حيث رسم رقصّة التحطيب التي تُعدّ من أبرز فنون القتال التقليدية بالعصيّ وجرى توارثها عبر الحضارات المصرية القديمة، والعازفين على الدفوف في احتفالات المولد النبوي وحلقات الذكر والإنشاد، كما رسم عرائس المولد الملوّنة ومشاهد الرقص الشعبي.
لكن بدأت هذه الحشود تتوارى في مرحلة متأخرة مع اهتمامه بالمساحات اللونية وتوزيع كتلها في العمل ضمن أسلوب تعبيري يتراوح بين التشخيص أو التجريد أو المزج بينهما، مستخدماً تقنيات منها الحفر على الزنك والخشب والجلد، ومواد خام متعددة مثل رقائق الحديد والنحاس.
يُذكر أن الفنان حائز على درجة البكالوريوس من "المعهد العالي للفنون الجميلة ليوناردو دافنشي" عام 1973، وشارك في عدد من المعارض خلال دراسته، وعمل مدرساً ومديراً للمعارض في قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة المصرية، وأقام العديد من المعارض الفردية والجماعية في العراق والسودان ونيجيريا وألمانيا وإسبانيا ورومانيا وفنلندا واليابان والولايات المتحدة.