في مديح الغضب

30 مايو 2021
آيات مطر/ فلسطين (جزء من عمل)
+ الخط -

لا ينجو الغضب، ككلّ العواطف الإنسانيّة، من سطوة المستعمِر الذي يريد أن يحتلّ القلب أيضاً، واللغة، والجسد. في نظر المستعمِر البليد، لا كرامةَ لغضب نبيٍّ في وطنِه. ولا يكون الغضبُ شرعياً إلّا إذا كان غضبَ رجلٍ أبيض يقتل ويبكي.

يَستنفِرُ شرطةَ عواطفِهِ و"يُطلقُ كلابَها في الشوارع" وفي معسكرات كلامِه وإعلامِهِ و"يقفل زنازينَه"على القلب الفلسطينيّ المنتفض والمطارَد والمطلوب حيّاً أو ميّتاً.

الألم الأصلانيُّ مطالَبٌ أن يكون مهذّباً دوماً، أن يخفِض من صوتِه، وأن يَستُر "عورة" ثورته وأن يُغطّي سُفورَ إنسانيّته العارية الدامية لحظةَ استهدافِها من القنّاصة والطائرات والرّعاع العنصري. وعليه ألّا ينتهك الأعراف والتقاليد والطقوس الاستعماريّة المتعارف عليها والمصرَّح بها في النزيف والبكاء والصّراخ، والغضب.

للألم الفرديّ والجمعيّ صوَر ولغات عديدة... يخطئ الخطاب العلاجيّ إن وبّخ الغضبَ ونزعَ كرامتَه وشجاعتَه وحاصرَه في تسمياتٍ مرضيّة دون اعتبار لمصادرِهِ القمعيّة، اجتماعيّة كانت أم سياسيّة، ولآفاقِهِ التحرّرية.

الغضب، في تعبيراتِه المقاوِمة للظّلم والاستبداد والاستلاب والتشييء، شكلٌ نبيلٌ وأصيلٌ من أشكال الصحّة النفسية... وإعلانُ حبٍّ للحياة وجدارةٍ قُدسيّةٍ وغزّيّةٍ بها.


* شاعر واختصاصي نفسي عِيادي من فلسطين

موقف
التحديثات الحية
المساهمون