في كتاب "فهيمة أمين.. من رائدات الفن التشكيلي المصري 1918 ـ 1984"، يضيء الفنان والباحث المصري ناجي موسى باسيليوس سيرة والدته التي تنتمي إلى الجيل الأول من الفنانات المصريات اللواتي تلقين تعليماً أكاديمياً متخصصاً في "المعهد العالي لمعلمات الفنون الجميلة" نهاية الثلاثينيات، إلى جانب إيمي راغب عيّاد وعزيزة يوسف وأخريات.
ويتنقّل الكتاب بين محطّات عدّة بدءاً من تصميم الفنانة لمئات النماذج من الشرائط والباقات والأردية خلال عملها في "المعهد العالي للتربية الرياضية"، وتأليفها "قاموس المشاهير الفنانين التشكيليين الأجانب والمصريين"، وإقامتها للمعارض الفنية على مدار أربعة عقود.
يستعيد "غاليري أكسيس" في القاهرة تجربتها في "معرض "تاريخ فهيمة أمين" الذي افتتح في الحادي والعشرين من الشهر الجاري، وجمعت فيها بين التدريس في المدارس والمعاهد وبين ممارسة الرسم حيث تناولت لوحاتها الطبيعة الصامتة والبورتريهات التي شكّلت المرأة عنصراً أساسياً فيها.
يضمّ المعرض خمساً وأربعين لوحة مختارة من مجمل أعمالها التي تنوّعت تقنياتها بين استخدام الألوان المائية والباستيل والغواش والرصاص والحبر على الورق، وتُبرز اهتمامها بتصوير مشاهد من الحياة اليومية تعبّر عن الحياة الريفية وأشغال الفلاحين والفلاحات في الحقل والمنزل، كما صوّرت مشاهد فلكلورية من المدينة مثل ألعاب البيانولا والأراغوز.
درست فهمي الزخرفة والطبيعة الصامتة والنحت والتصوير والتشريح والرسم الهندسي، وكذلك طرق تدريس الفنون، ويبدو واضحاً تمكّنها من أدواتها الفنية في التكوين والألوان والأسلوب، حيث عادت بعد نحو عقدين من تخرجها من المعهد إلى دراسة الفن، إذ التحقت بالقسم المسائي بـ"معهد ليوناردو دافنشي للفنون الجميلة" في العاصمة المصرية، وتعلّمت خلاله فنون التصوير واللغة الإيطالية.
انعكس التكوين الدراسي على أعمالها، حيث وضعت دراسات للعديد من مظاهر الطبيعة من الأمواج البحرية والسحاب، وكذلك البعد الحيّ من الطبيعة التي تشمل الجوانب النباتية والحيوانية والإنسانية، بحسب مسوّدات والرسومات الأولية التي سبقت تنفيذ لوحاتها، بحسب تقديم المعرض.
وركّزت أمين في رسوماتها الأولى على الورود والأزهار وأواني الفاكهة ضمن أسلوب انطباعي هيمن على معظم فناني تلك المرحلة، قبل أن تنتقل إلى رسم الواقع بما يحويه من معايشات وأبرزها بورتريهاتها التي تضمّنت أجساداً عارية.