فكّروا في الأرض

02 يونيو 2022
خلال معرض حول الموناليزا في مرسيليا الفرنسية، آذار/ مارس 2022 (Getty)
+ الخط -

قبل أيام، كانت الموناليزا بهدوئها المعروف تضع يداً فوق يد، وتنتظر أن يحلّ أحدهم لغز ابتسامتها الممتدّ منذ عصر النهضة إلى عصر ما بعد الحداثة. وقد تعدّدت القراءات لابتسامتها، وتعدّدت الروايات عن هويّة صاحبة اللوحة الأشهر والأغلى في العالم. والمؤكد بحسب التقنيات الحديثة أنّها رُسمت على فترتين متقاربتين، على عكس الرواية التي سادت لقرون أنّها رافقت ليوناردو دافنشي منذ عام 1503 حتّى وفاته في فرنسا (1519).

لكن هذه المرة لم تتعرّض الموناليزا للأشعة تحت الحمراء بغرض دراستها، ولا للأحماض أو الشاي هجوماً عليها، ولا سُرقت من قبل شاب إيطاليّ وعاشت برفقته لثلاث سنوات قبل أن تهدّد فرنسا إيطاليا بقطع العلاقات بسبب حادثة السرقة (1911). 

هذه المرة، وبانتظارها المعهود، واجهت شاباً فرنسيّاً متنكّراً قرّر اقتحام هدوء السيدة الإيطاليّة. يضع بين أسنانهِ وردة حمراء، ويرمي الموناليزا بقطعة كريمه بيضاء، ثمّ ينثر الورد على جمهور الموناليزا في متحف اللوفر، ويصرخ بينما الشرطة تقتاده: "فكّروا في الأرض". 

إذاً، قطعة الكريمه البيضاء التي غافلت السيدة الإيطاليّة، لم تكن موجّهة ضدّها، وإنّما عبر استغلال شهرتها، كانت رسالةً إلى الذين يدمّرون كوكب الأرض. وقد استخدم الشاب الفنّ، كي يعترض على العالم الذي يمضي إلى أفولهِ واضعاً يداً فوق يد، بعجزٍ ولا مبالاة. 

ينتهي المشهد مع اقتياد الشاب خارج المتحف. لكنّ الأرض ما زالت تدور، وهي تحمل نداءات المقتولين والقتلة معاً، وتتهدّدها أوبئة ومجاعات وحروب وتغيّرات مناخيّة. ممّا يستدعي أكثر من تلال الكريمه البيضاء ضدّ أصحاب القرار في العالم.
 

* روائي من سورية

المساهمون