مع اقتراب 2021 مِن نهايته، باتَ مؤكَّداً أنَّ أيّاً مِن التظاهرُات الثقافية البارزة في الجزائر لن تُقام هذا العام؛ بدءاً مِن "معرض الجزائر الدولي للكتاب" الذي كان القائمون عليه يُعلنون عن موعدٍ لتنظيم دورته الخامسة والعشرين ثمّ يتراجعون عنها سريعاً كُلَّ مرّة، ووصولاً إلى "المهرجان الدولي للفيلم الملتزِم" الذي أصدر منظّموه، قبل أيّام، بياناً أعلنوا فيه تأجيل دورته الحادية عشرة التي كان مفترَضاً تنظيمُها في كانون الأوّل/ ديسمبر الجاري.
كما هو الأمرُ بالنسبة إلى جميع الفعاليات الأُخرى، كانت جائحة كورونا السببَ المعلَن لتأجيل "مهرجان الفيلم الملتزم". لكنْ علينا الانتباه إلى مُلاحظة بسيطة: لم يُعلِن منظِّمو المهرجان، في وقت سابق، عن نيّتهم إقامةَ دورته المقبِلة هذا الشهر، ولم يُحدّدوا تاريخاً لذلك، ولم يَكشفوا عن ملصقها الرسميّ أو برنامج عروضِها، أو أسماء ضيوفها، ثُمّ أعلنوا مباشرةً عن تأجيلها. يعني ذلك أنّهُم لم يكونوا في وارد تنظيمها، أي أنّهُم قرّروا تأجيل فعاليةٍ مؤجَّلة مِن الأساس.
تُخبرنا الملاحَظة والفرضيّةُ المترتّبةُ عنها أنَّ القائمين على المشهد الثقافي، الخامِل أصلاً في الجزائر، وجدوا في كورونا عطلةً ربّما يتمنّون أن تطول. يُدلّل على ذلك الاستسهالُ في إلغاءِ كلّ فعالياته الأساسية خلال العام الحالي والذي سبقه، حتّى في الفترات التي بدا فيها أنَّ الحياةَ بدأت تعود إلى وضعها الطبيعي مع تراجُع أعداد المصابين بالفيروس. لنتذكَّر أنَّ الفترةَ نفسَها شهدت تنظيم ثلاثة انتخابات أُقيمت خلالها تجمُّعاتٌ لم تُحترم فيها أيٌّ مِن إجراءات الوقاية.
الثقافة هي أُولى الضحايا دائماً. في 2014، ومع انهيار أسعار النفط، كانت وزارةُ الثقافة - التي تحصلُ على النسبة الأدنى من الموازنة السنوية - الأكثرَ التزاماً بتطبيق سياسة "التقشُّف" التي فرضتها الدولة، بينما بدت قطاعاتٌ أُخرى غير معنيّة بها، بل إنَّ الفسادَ، الذي كشف الحَراك الشعبي في 2019 بعضاً من جوانبه الخفيّة، كان مستمرّاً على قدمٍ وساق... أمّا أبطالُه، فليسوا سوى أولئك الذين كانوا يُرافعون حول "ضرورة ترشيد النفقات".