استمع إلى الملخص
- يبرز الكتاب ضعف الموقف الفلسطيني والعربي تجاه قرار تقسيم فلسطين، والتآمر الدولي الذي ساهم في ضياع فلسطين وتشريد شعبها، مع سرد للأحداث المؤلمة مثل سقوط القدس.
- تشكّل المذكرات وثيقة مهمة توثق أحوال فلسطين بعد النكبة، وتبرز دور نسيبة في الدفاع عن فلسطين، مما يجعلها إضافة قيمة للمخزون المعرفي للقضية الفلسطينية.
عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدر كتاب "السير نحو الهاوية: ملاحظات وتأملات شخصية حول سقوط فلسطين" للسياسي الفلسطيني أنور نسيبة (1913 - 1986)، وتقديم عصام نصّار.
تُعدّ المذكرات، التي تحتوي على عشرة فصول، من النوع الاسترجاعي، إذ تقفز في الزمن إلى ما قبل احتلال فلسطين بعام؛ أي إلى عام صدور قرار تقسيم فلسطين (1947) وما تلاه من مجازر صهيونية وأحداث جسام، وتركّز - كما يُوحي عنوانها - على ظروف سقوط فلسطين وأسبابه والشخصيات المتسببة فيه. أما من الناحية النقدية، فعلى الرغم مما قد يترتب على غياب نسيبة في قلب أحداث مذكراته، وإن كان شاهدًا عليها، من ضعف في موثوقيتها علمياً، فإن تناولها من ناشط سياسي بارز، مثله، يُكسب مادتها أهمية لا يمكن تجاهلها.
بدأ نسيبة تدوين مذكراته باللغة الإنكليزية عام 1949، وترجمتها عائلته إلى العربية، ثم سلّمتها بهدف نشرها إلى "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، الذي قام بمراجعتها ومقابلتها بالنسخة الأصلية ووضع هوامش إيضاحية وتراجم لها.
تتمحور المذكرات أساساً حول الحديث عن عجز القوى العربية والفلسطينية في مواجهة التحديات الصهيونية، فقد أرادها نسيبة أن تكون جردةَ حساب للإخفاقات المساهِمة في تضييع فلسطين وتشريد شعبها، ومحاكَمةً للشخصيات المشاركِة في ذلك بسلوكياتها، ولأسباب الفشل الفلسطيني والعربي في المعركة الحاسمة آنذاك، وغياب العرب عن المحافل الدولية الباحثة في مصير فلسطين، وحتى عن اللجنة التي شُكّلت للحل إثر انسحاب بريطانيا وتحويل قضية فلسطين إلى الأمم المتحدة، وضمّت عشر دول ليس بينها واحدة عربية، والتي استمر خلال عملها التدفق اليهودي إلى فلسطين، وأسفر تقريرها المسلَّم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة عن اعتماد الأخيرة قرار تقسيم فلسطين.
تتمحور المذكرات حول عجز القوى العربية والفلسطينية في مواجهة التحديات الصهيونية
ودفع قرار التقسيم نسيبة إلى كتابة مذكراته، كما يصرّح فيها. وكشف فيها الدور الدولي المتآمر، والموقف الفلسطيني الضعيف والمتذبذب وغير الواضح وغير الحاسم من قرار التقسيم، إضافةً إلى الدور العربي سياسيّاً وعسكريًّا (المتمثل في جيش الإنقاذ) الذي ساهم إلى حد بعيد في ضياع فلسطين، ليس من ناحية وهن التسليح مقارنةً بالصهاينة فحسب، بل من حيث تشرذم فعالياته القتالية، وضعف تنظيمه وتدريبه، فضلًا عن الخلاف حول القيادة بين الفلسطينيين والعرب، ونفور الفلسطينيين من قادة عرب على مناطقهم لم يدوسوا أرض فلسطين سابقًا، وعدم استبسال بعضهم في الدفاع عن الأراضي.
وتحتوي المذكرات، علاوة على الإشارات المتكررة إلى التفاصيل المختلفة للإخفاقات العربية في فلسطين، على سرد مطوّل عن الدورين البريطاني والصهيوني في الأحداث، وتروي وقائع مؤلمة لكل فلسطيني وعربي، وأهمها سقوط القدس والمدن الفلسطينية، والتحوّلات الجغرافية والديموغرافية نتيجة للاحتلال الصهيوني.
يهدف الكتاب إلى توثيق أحوال فلسطين بعد قرار التقسيم، وأحداثٍ في القدس في عام النكبة وبعده
تشكّل هذه المذكرات وثيقة مهمة تضيف إلى المخزون المعرفي لكل مهتم بالقضية الفلسطينية معلومات عن الإخفاق العربي والفلسطيني في مواجهة التحدي الصهيوني، وهي تهدف إلى توثيق أحوال فلسطين بعد قرار التقسيم، وأحداثٍ في القدس في عام النكبة وبعده، مع الإضاءة على تاريخ الحركة الوطنية والاستشهاد بأقوال مشاركين في صنعه، وعلى الدور العربي في فلسطين، وبعض جرائم الانتداب البريطاني.
وهذا التوثيق يضفي عليه صدقيةً ما شغله نسيبة من مناصب، فقد كان أمينًا عامًّا للجنة القومية في القدس، والأمين العام لحكومة عموم فلسطين برئاسة أحمد عبد الباقي، وعضوًا عن القدس في مجلسَي الأعيان والنواب الأردنيَّين في فترات مختلفة، وممثلًا للأردن في لجنة الهدنة الأردنية - الإسرائيلية، ووزيرًا مرتين - للإنشاء والتعمير وللدفاع - في الحكومة الأردنية، وسفيرًا للأردن في المملكة المتحدة، ثم محافظًا لمدينة القدس.
يُذكر أن أنور نسيبة أدى دوراً بارزاً في الدفاع عن فلسطين ومسقط رأسه القدس منذ السنوات الأولى للاحتلال الإسرائيلي، وبداية ما سُمّي "النكبة" واحتلال الجزء الأكبر من فلسطين، ومن ضمنه الشطر الغربي من القدس، ثم وصولًا إلى احتلال الشطر الشرقي من المدينة وكامل فلسطين التاريخية.