الحديث عن الصلات بين اللغتين العربية والبرتغالية ممتدٌّ في جذور التاريخ، فالبرتغالية، كنظيرتها الإسبانية، في مفرداتها حصّة وافرة أُخذت من العربية؛ بحكم التفاعُل الحضاري غير المسبوق الذي تحقّق في حقبة الحضور العربي بالأندلس.
وإنْ كان يتمّ التركيز أكثر على ثنائية الإسبانية والعربية؛ فربما يعود ذلك لما تشكّله اللغتان من ثِقل عالمي في يومنا الراهن على المستويَين السياسي والأدبي. لكنّ هذا لا يعني أنّ اللغة الثانية في شبه الجزيرة الإيبرية؛ أي البرتغالية، لا تملك هي الأُخرى قواسمها ومشتركاتها الخاصة مع العربية، وهي تقاطعات معاصرة وشديدة الراهنية أيضاً، وليست تاريخية وحسب.
في هذا الإطار، صدر في العاصمة البرتغالية لشبونة "قاموس برتغالي – عربي"، عن دار "كوليبري"، اشترك في إنجازه كلٌّ من: الباحث التونسي عبد الجليل العربي، وهو أستاذ الحضارة العربية والإسلامية في "جامعة لشبونة"، والباحث البرتغالي ديليو بروسبرو أستاذ الدراسات الإسلامية في "الجامعة البرتغالية".
ويضمّ القاموس الجديد، الذي تطلّب إنجازُه أحد عشر عاماً من البحث والتنسيق والتبويب، أكثر من 16 ألف مدخل مُعجمي، وأكثر من 6800 مفردة مُرادِفة، وتوضيحاتها التي زادت عن 16 ألف مثال.
هذا وقد تمّ إطلاق المؤلَّف في ندوة انتظمت يومَ الثاني من شباط/ فبراير الجاري، في "فضاء كاسا دي ألينتيخو" بلشبونة. وقُدّمت فيها مجموعة مداخلات بالاشتراك مع المُترجِمَين للتعريف بالعمل، ونوع المادة التي يحتوي عليها، بوصفه أحدث المعاجم بين اللغتين وأكثرها عصرية.
يُشار إلى أنّ شريحة واسعة يستهدفهم المعجم، مثل طلّاب الجامعات البرتغالية المختّصين بالعربية وآدابها، وبالمِثل لدارسي البرتغالية في العالم العربي، وكذلك المترجمين والمشتغلين في الشؤون البحثية والعلمية بين اللغتين، بالإضافة إلى المُهاجرين العرب في البرتغال أو بلدان ناطقة بالبرتغالية.
كما تأتي أهمية هذا المؤلَّف من سعة المجال الجغرافي لكلا اللغتين، والتبادل الثقافي الكبير بين العالم العربي والإسلامي، ومجموعة الدول المتكلّمة بالبرتغالية (تضمّ سبع دول على رأسها البرازيل ثم البرتغال)، والتي بلغ عدد الناطقين بها قرابة 223 مليون شخص.