صوت جديد: مع محمد الحباشة

18 نوفمبر 2020
محمد الحباشة
+ الخط -

تقف هذه الزاوية من خلال أسئلة سريعة مع صوت جديد في الكتابة العربية، في محاولة لتبيّن ملامح وانشغالات الجيل العربي الجديد من الكتّاب. "البيئة الثقافية التونسية ثرية، ولكنّها لم تقدّم أفضل ما عندها بعد" يقول الكاتب التونسي في حديثه إلى "العربي الجديد".


■ كيف تفهم الكتابة الجديدة؟ 
- الكتابة الجديدة هي الكتابة التي لا تنسج على منوال معيّن. صحيحٌ أنّنا لا نكتب من فراغ، وهناك ذاكرة للقراءة تظلّ تُشكّلنا وتُؤثّر في كلّ ما نكتُب، ولكنّ الأهمّ، هو عدم التقيّد بتلك الكتب التي قرأناها وعدم النّسج على منوالها. لا بدّ من البصمة الخاصّة، التي تبدأ أساساً بالأسلوب واللغة وهذا جوهريّ، ثمّ تتفرّع إلى الموضوعات وطُرق تناولها. الجديد أيضاً هو كلّ ما يخرج عن الإرث السردي للبلد الذي تنتمي إليه.


■ هل تشعر نفسك جزءاً من جيل أدبي له ملامحه وما هي هذه الملامح؟
- لا يمكن أن نحكم على جِيلٍ قبل أن يتشكّل مشروعه بشكل متكامل. يمكن أن يحمل كلّ منّا مشروعاً مختلفاً تماماً عنِ الآخر. يُمكن أن نتحدّث عن جِيلٍ منذ بداياته إذا ارتبطت كلّ تجارب مؤسّسيه بفكرة واحدة، مثل جِيلِ "البِيتْ" في أميركا وتمحوُره أساساً حول ثورة الجسد في الستينيات. بالنّسبةِ إلينا، أعتقد أنّ هذه الفكرة ما تزال غير واضحة. بل أعتقد أنّ هذا التنوّع والثّراء مهمّ للغاية، ويعكس نظراتنا المختلفة والمتعدّدة للحياة في تونس والعالم العربي قبل وبعد الثورات. 


■ كيف هي علاقتك مع الأجيال السابقة؟
- تشكّل وعيي الروائي مع كتّاب عرب كبار أهمّهم بالنّسبة إليّ جبرا إبراهيم جبرا، والطيب صالح، ومحمد شكري، ونجيب محفوظ. تونسيّاً ليست لي علاقة كبيرة مع "الإرث" الذي أسّسه محمود المسعدي، ولم أتأثّر به على الإطلاق ولا بالكتّاب الذين حاولوا تقليده. وفي المقابل أنا معجب كثيراً بتجربة الحبيب السالمي، ومحمد عيسى، المؤدّب، وشكري المبخوت، إنّهم ينسجون مشاريع ثرية للغاية وواعية ومتكاملة.


■ كيف تصف علاقتك مع البيئة الثقافية في بلدك؟
- تجمعني علاقات جيّدة مع كتّاب وشعراء وروائيين وناشرين من كلّ الأجيال. وأعيش مع بعضهم صداقات حميمة في إطار ضيّق. البيئة الثقافية التونسية ثرية، ولكنّي أؤمن أنّها لم تقدّم أفضل ما عندها بعد، ولن تفعل ذلك إلاّ إذا تخلّصت من الأحقاد والمعارك التافهة والأنانيّات المفرطة أحياناً كثيرة.


■ كيف صدر كتابك الأول وكم كان عمرك؟
- صدرت روايتي الأولى "خلدون ميشال" عن "دار زينب للنشر" سنة 2015. كان عمري آنذاك ثلاثاً وعشرين سنة. استُقبلت باحترام وكتبت عنها الصحافة الثقافية التونسية والعربية. ولكنّي لم أنجُ من سؤال "كيف تكتب رواية وأنت في سنّ الثالثة والعشرين؟" تجاوزت ذلك بابتسامة ساخرة.   


■ أين تنشر؟
- أنشر في لبنان، في "دار نوفل - هاشيت أنطوان" ببيروت، وفي "دار مسكيلياني" الناشطة بين تونس وبيروت. 


■ كيف تقرأ وكيف تصف علاقتك مع القراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟ 
- أضع دوماً تخطيطاً للقراءة، لا أقرأ أبداً بطريقة عشوائية. أعرف الكتاب الذي سأقرأه لاحقاً، كما أنّي لا أقرأ كتاباً واحداً في كلّ مرّة، بل مجموعة من الكتب في أجناس متعدّدة، تتراوح بين الرواية والقصة القصيرة وأدب الذّات والنقد الأدبيّ. 


■ هل تقرأ بلغة أخرى إلى جانب العربية؟ 
- نعم، أقرأ بالفرنسية والإنكليزية. 


■ كيف تنظر إلى الترجمة وهل لديك رغبة في أن تُتَرْجَم أعمالُكَ؟ 
- الترجمة مسألة أساسيّة في حياتنا الأدبيّة اليوم، وأعتبرها فنّاً وإبداعاً، إلى جانب دورها في التعريف بآدابنا وأدب الآخر. هناك طفرة مهمّة يعيشها عالمنا العربي اليوم في الترجمة، مقارنة بالسنوات الماضية، ويجب أن تتواصل على هذه الوتيرة ولِم لا تضاعف دور النشر من مجهوداتها. قمت إلى حدّ الآن بترجمة عملين روائيّين يصدران قريباً، ولديّ عملٌ ثالثٌ في الطريق. أمّا بالنّسبة لأعمالي، إذا كانت تستحقّ، فلم لا؟ لا أعتقد أنّ هناك كاتباً لا يرغب في أن تُتَرجَم أعماله. 


■ ماذا تكتب الآن وما هو إصدارك القادم؟
- أشتغل الآن على رواية جديدة، ولديّ إصداران قادمان مع بداية السنة الجديدة: رواية ومجموعة قصصية. 


بطاقة 
كاتب ومترجم تونسي، من مواليد 1992. يحمل إجازة في اللغة والآداب الإنكليزية وماجستير في الدراسات الثقافية، ويعمل مديراً للبرمجة الثقافية والتنسيق الفنّي في "بيت الرواية" بتونس. صدر له في الرواية: "خلدون ميشال" (دار زينب، 2015)، و"رجل شارع روما" (هاشيت- أنطوان، 2018). وفي الترجمة "فالكونر" للروائي الأميركي جون شيفر (مسكيلياني، 2020).

وقفات
التحديثات الحية
المساهمون