رحيل سهيلة بلبحار.. رسّامة النساء الزهور

25 مارس 2023
عمل لسهيلة بلبحار (1978)
+ الخط -

ربّما لم يُواصل المشهدُ التشكيلي بـ الجزائر تقديم أسماء نسائية بارزة؛ لكنّ هذا لم يعنِ أنّ الأمر توقّف عند جيل الرائدات الذي تُمثّله فنّاناتٌ حقَّقن شهرةً كبيرة؛ مثل باية محيي الدين (1931 - 1998) وعائشة حدّاد (1937 - 2005)، كما تُمكن الملاحَظة بسهولة أنَّ قلّةً قليلةً جدّاً من التشكيليات برزن على الساحة بعد هذا الجيل.

ويُمكن القول إنّ سهيلة بلبحار، التي رحلت الخميس الماضي، هي واحدةٌ من هؤلاء التشكيليات القليلات. على أنَّ الفنّانة التي وُلدت في مدينة البُلَيدة قرب الجزائر العاصمة عام 1934، تُحسَب على الجيل الأوّل أيضاً، وإنْ أتَت متأخّرة عنه وامتدّت تجربتُها أكثرَ، بامتداد حياتها لقرابة تسعين عاماً.

الصورة
سهيلة بلحار - القسم الثقافي
سهيلة بلبحار في شبابها

وبشكل ما، كانت تجربةُ بلبحار امتداداً لتجربتَي باية محيي الدين وعائشة حدّاد اللتين التقت بهما في 1971؛ وهي السنة التي أقامت فيها أوّل معارضها الفردية؛ إذ تَظهر في لوحاتها تقاطُعاتٌ مع لوحات باية خصوصاً (تلتقي الفنّانتان أيضاً في كونهما عصاميّتان) لناحية المواضيع المرسومة: ثمَّةَ دائماً نساءٌ وزهور، ونساءٌ زهور؛ أي تلك الأجساد النسائية التي تتّخذ هيئة أزهار، أو ربّما العكس: أزهارٌ تتّخذ هيئة نساء، كما في لوحتها الأبرز "النساء البتَلات" (1976) التي تحوّلت إلى سلسلة من اللوحات اشتغلت عليها في فترات مختلفة.

هذا التقاطُع في الثيمات مع باية محيي الدين يتحوّل إلى قطيعة على مستوى الشكل؛ إذ تبدو المساحاتُ اللونية عندها أكثر إشراقاً مع فراغات أكثر في اللوحة، كما أنّها اتّجهت، في مراحل لاحقة إلى التجريد، وإلى محامل أُخرى؛ مثل النحت والرسم على الخزف.

الصورة
النساء البتلات - القسم الثقافي
"النساء البتلات" (1976)

وعلى مستوى الموضوع، ثمّة في لوحات بلبحار تنويعاتٌ على ثيمتَي الأنوثة والطفولة؛ كما في لوحتها عن الأُمّ "الجنّة تحت أقدام الأمّهات" (2006)، أو في الطابع البريدي الذي أنجزته لمناسبة "اليوم العالمي للطفولة" عام 1979، والبطاقة التي أنجزتها لـ"اليونسف" عام 1983.

أقامت بلبحار معرضاً فردياً في "المركز الثقافي الجزائري" في باريس عام 1986، وقبل ذلك في "المتحف الوطني للفنون الجميلة" بالجزائر العاصمة عام 1984، وهو المتحف الذي أقام معرضاً استعاديًا لأعمالها في 2008، قبل أن يُصدر، في 2016، كتاباً عن سيرتها وتجربتها من تأليف ابنتها دليلة حافظ بعنوان "إنها تمطر ياسمينات على العاصمة".

المساهمون